موقع أرنتروبوس

التفكير في الثقافات

timthumb

بقلم: آية عابدين

اسم الكتاب: “التفكير في الثقافات: أسئلة الفرق في الثقافة الهندية والمغاربية”
المؤلف: د. مونيس بخضرة
الناشر: دار الرافدين – 2016
التفكير في الثقافات هو تفكير في الفروقات الحاصلة داخل الثقافة الواحدة ذاتها وفي الفروقات الظاهرة بين الثقافات الظاهرة بين الثقافات البشرية والذي يعد ضرورة معرفية لا غنى عنه لاكتشاف المجتمعات البشرية.
يحاول هذا الكتاب الذي حرره الباحث الجزائري مونيس بخضرة، والذي صدر أخيراً عن دار الرافدين في بيروت، المقارنة بين الثقافتين الهندية والمغربية لما تحمله هاتان الثقافتان .
جاءت فصول الكتاب متباينة في معالجتها لقضايا الثقافات الهندية والثقافات المغربية، بحسب طبيعة الأسئلة المركزية المتداولة فيها.
ففي الفصل الأول الذي جاء بعنوان “سؤال الحرية في الثقافة الهندية”، عالج الباحثة عمارية حاكم طبيعة مفهوم الحرية المكرس في هذه الثقافة من خلال استنطاق الرؤى الدينية والفلسفية لمفهوم الحرية وخاصة في تعاليم  الفكر البراهمي، وحتى تضع مقارباتها ضمن السياق المطلوب، قامت الباحثة على تقديم الهند جغرافيا وطبيعيا ودينية، لتنتقل بعدها الى تحليل مفهوم الحرية في الفلسفة والثقافة الهندية.
أما في الفصل الثاني وهو بعنوان “سؤال المعاناة في الثقافة الهندية”، فقد قامت الباحثة أسماء بن فريحة بالاشتغال والتنقيب عن طبيعة مفهوم المعاناة في الفلسفة الهندية والذي يعد مفهوماً مركزياً فيها ومقصداً شاملاً لدياناتها ولتوجهاتها الفكرية، موضحة أن المعاناة مرحلة لا غنى عنها لتحقيق النّرفانا وعيش الخلاص،  وهو السبب الذي جعلها تبحث عنها في الفكر البوذي، والكشف عن العوامل التي جعلت البوذية تستثمرها في هذه الحالة فتحقق العالمية وتمارس تأثيراً مشهوداً على الثقافة الآسيوية بعامة.
في الفصل الثالث من الكتاب وعنوانه “سؤال المادة في الفكر الفلسفي الهندي”، تناولت فيه الباحثة نميش جهاد موضوعاً مهماً يتعلق بفلسفة المادة في الثقافة الهندية، مستظهرة طرق تعامل فلاسفة الهند القدامى مع مفهوم المادة، وخاصة أن الفلسفة الهندية عُرفت بطابعها الروحي. إلا أن الباحثة استطاعت أن تظهر مدى حضور الفكر المادي في هذه الفلسفة ومواطن توظيفها فيه، وخاصة في الفكر الأوبانيشاد وفي فلسفة اليوغا.
أما في الفصل الرابع فقد تناول الباحث حنيني مبارك موضوعاً بعنوان “سؤال اللغة في الفضاء المتوسطي-الأمازيغية نموذجاً”، مبيناً فيه معضلة لغات المتوسط بعامة ومشاربها التاريخية وقدرتها التفاعلية والتي جعلت منها لغات مشتركة بالتداول عامة، وعلى اللغة الأمازيغية ولهجاتها والصعوبات التي تواجهها. وبيّن الكاتب أيضاً واقع اللغة الأمازيغية في المجتمعات المغاربية ومنزلتها من اللغات الأخرى المتداولة فيها، وعمل على إظهار حركاتها ومراجعها الثقافية والتاريخية، واستشراف مستقبلها من خلال البرامج المتاحة حولها في عصرنا.
في الفصل الأخير، تناول الباحثون بعض جوانب الثقافة المغاربية، والتي هي متوارثة منذ آلاف السنين، وهي نماذج تعاني الإهمال والنسيان، واتخذوا موضوع الفنتازيا الواعدة نموذجاً منها، محاولين استخراج رسائلها الفلسفية والأخلاقية العميقة التي تحملها، وإظهار إمكانياتها الثقافية والحضارية والفنية كأيقونة خاصة بالشعوب الغاربية، متناولين أيضاً موضوع التنمية وعلاقتها بواقع المدينة المغربية، والتي لا تزال تعيش صراعها الشاق مع تحديات العصر ومطالب شعوبه، وإظهار إمكانياتها التنموية وحدودها الثقافية وعلاقتها مع البادية.




المصدر: الميادين نت

 

Exit mobile version