البحث الأنثروبولوجي في المؤسسات السرّية
ملاحظات منهجية حول البحث في البرامج العسكرية والاستخباراتية[1]
تأليف: ربيرتو جاي. غونزالس[2]
ترجمة: فؤاد ريان
من المرجّح أن يثير أي نقاش حول طرائق البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بعض الانزعاج، أو حتى الابتئاس. كما أشار إلى ذلك جون كوماروف: “هناك درجة من الفوقية، أو حتى الازدراء [موجودة] بين الانثروبولوجيين في الحديث حول منهجنا … فسحر [العمل الميداني] يكمن في عدم الكشف عن الكثير من سرّه، حتى عندما يكون السرّ هو عدم وجود أي سرّ فيه”. ( Comaroff, 2005: 4)
إنّ “الفوقية” المستمرة فيما يتعلق بالحديث عن منهجيتنا أمر مؤسف إذا أخذنا في عين الاعتبار التغيرات الجذرية التي طرأت على هذا الحقل المعرفي خلال نصف القرن المنصرم، فقد صار البحث الميداني أكثر تعقيداً من خلال إدراك العمليات العالمية والتشابك بينها (global processes and interconnections)، ومن خلال إعادة صياغة ونقد مفهوم الثقافة، ولاعتبارات خاصة بالسلطة أيضاً. ومن التطورات المذهلة ظهور مواقع بحث وصلت مناطق لم يكن من الممكن تصورها في منتصف القرن العشرين، كالبحث في وول ستريت (Wall Street)، أو في مختبرات الأسلحة النووية على سبيل المثال.[3] بالإضافة إلى ذلك، فإنّ العديد من المشاريع الانثروبولوجية أصبحت أقل تركيزاً على “مواقع” محددة جغرافياً، وصارت تتركز بدلاً من ذلك حول مفاهيم مثل الدَّين (Debt)، وعمليات مثل النهب، وسلع مثل السكَّر، التي غيرت شكل العالم على مرّ القرون.[4] وأصبح قدر كبير من العمل الإثنوجرافي (ethnographic) أكثر تنوعاً وانتقائية وحدَّة من الناحية التحليلية. ولكن ثمة اتجاه، وأحياناً هوس، انثروبولوجي لإعطاء الأولوية للملاحظة بالمشاركة (participant-observation).
لقد بدأتُ البحث، قبل سنوات عديدة، في برنامج تجريبي للبنتاجون، يعرف باسم “نظام التضاريس البشرية”، وهي مبادرة لإشراك باحثين في العلوم الاجتماعية ضمن الوحدات القتالية الأمريكية في العراق وأفغانستان (González 2008, 2009). وقد واجهتني حالاً العديد من التحديات المنهجية. فمع أنني كنت مجهزاً بشكل جيد لمنهجية الملاحظة بالمشاركة من خلال دراساتي العليا وأبحاثي السابقة مع مزارعي الزابوتيك (Zapotecs)[5] في ريف واهاكا (Oaxaca) في المكسيك، ولكنّي لم أكن مستعداً للبحث في مؤسسات وبرامج سريّة أو محجوبة.[6]
في هذه المقالة، سأراجع بعض الطرق التي واجهت بها تلك التحديات، حيث تخطّى بحثي إطار الانثروبولوجيا التقليدية. بعبارات أخرى، سأناقش موضوعاً مراوغاً – طرق البحث الانثروبولوجي – من خلال استكشاف كيف يمكن للمرء أن يقارب البحث في مؤسسات وبرامج سرّية.
طرح هيو غوستيرسون، قبل خمسة عشر عاماً، سؤالاً استفزازياً ومتبصّراً: “كيف يمكن للانثروبولوجي أن يدرس مؤسسات مثل مختبرات الأسلحة والشركات الكبيرة؟ حيث ستكون الملاحظة بالمشاركة إشكالية كبيرة، إذا لم تكن مستحيلة…الملاحظة بالمشاركة هي تقنية بحثية لا تسير بشكل سَلِس كلّما صعدنا السِّلَّم الاجتماعي”. (Gusterson, 1997:115) وتؤثّر هذه المعضلة على العديد من الانثروبولوجيين الذين يقومون بأبحاث حول مشاريع حكومية محظور إطلاعُ الجمهور عليها أو مبادرات أخرى غير مفتوحة للنقد العام.
عندما لا تكون الملاحظة بالمشاركة خياراً متاحاً، فما هي التقنيات التي يمكن أن يستخدمها الانثروبولوجيون لتسليط الضوء على البرامج السرّية التي تتضمن وكالات عسكرية واستخباراتية وشركات متعاقدة؟ ما هي الطرق المتاحة للباحثين لفهم طبيعة العمل الداخلية للبرامج المنظمة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، على سبيل المثال، أو وكالات كوكالة الاستخبارات السرّية ووكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية، أو شركات الأمن مثل لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) وشركة بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)؟ وقبل الخوض في هذه الأسئلة، من الجدير النظر إلى تجارب بعض أوائل الانثروبولوجيين في العصر الحديث.
البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية خلال القرن المنصرم
لقد حاوَلت الأجيال الأولى من الانثروبولوجيين، في بعض الأحيان، وصف وفك شيفرة طبيعة عمل المؤسسات السرّية. وركّزت معظم هذه الأبحاث على المجتمعات السرّية وما تسمى بالشعوب “البدائية”.
يفيد جيمس موني (James Mooney) في دراسته “الصيغ المقدسة لقبيلة الشيروكي، (The sacred formulas of the Cherokee 1887)، أنّه حصل على العديد من النصوص السرّية التي كتبها كهنة “الشامان” (shamans)، من قبل الشامان أنفسهم أو أقاربهم. ولم يكن من السهل الوصول إلى هذه الصيغ التي تغطي مواضيع مثل “الطب، والحب، والصيد، وصيد السمك، والحرب، والحماية الذاتية، وتحطيم الأعداء، والسحر،… والحصاد”. (Mooney 1887: 7) ويشير موني إلى أنّ “الشامان كانوا يولون عناية جيدة لنصوصهم المقدّسة حتى لا تقع في أيدي عامة الناس أو منافسيهم، ويتمّ استخدامها في ممارساتهم السحرية”. (ibid:8)
استخدم موني الإصرار والإقناع ومداعبة الفخر المهني ليصل إلى النصوص. فعلى سبيل المثال، حاول إقناع أحد الشامان الذي كان يسميه “سويمر”، أو السبّاح، أن يطلعه على الأسرار. وعلى الرغم من أنّ الأخير رفض التعاون لأن “الأغنيات كانت جزءاً من معرفته السرّية وتتطلب ثمناً باهظاً من صيادي الشيروكي”. (Cherokee) (ibid: 10) إلّا أنّه وافق على التعاون مع موني عندما أخبره عن تقديم أطباء من السكان الأصليين لمعلومات مثيلة لمسئولي الحكومة الأمريكية، رغم اعتراض شامان آخرين على تعاون “سويمر” بحجة أنّه ليس على معرفة جيدة كما يدّعي. وحسب موني، كان “سويمر” محبطاً من هذه الشائعات حتى سلّمه سراً كتاباً مكوّناً من 240 صفحة من الصيغ، قائلاً: “أنظر إلى هذا الآن لترى إن كنت أعرف شيئاً أم لا!” (ibid: 10).
وكان إيفانس بريتشارد (Evans Pritchard) مهتماً بالبحث في المجتمعات السرّية بين الأزاندية في السودان (Azande of Sudan). وعلى خلاف ممارسات الشعوذة والوساطة الروحية والسحر التي تمارس بشكل فردي بطريقة منفتحة نسبياً، فقد كانت الجمعيات السحرية الأزاندية تتشكل كمجموعات سرّية في بدايات القرن العشرين. فالمجتمعات السرّية، أو “الجمعيات المغلقة” وفقاً لبريشتارد: “كانت من وظائف الحكم الأوروبي وعلامة على تفكك المجتمع”. (Pritchard, 1937:205).
كانت هذه المنظمات الباطنية الشائعة بين الشباب من كلا الجنسين محتقرة من قبل نبلاء الأزاندية ومدانة من قبل المبشرين الدينيين، وتمّ حظرها أخيراً في عام 1919 من قبل الإدارة الاستعمارية البريطانية. ويعترف بريتشارد أنّه واجه بعض الصعوبات في معرفة تلك المنظمات، ولكنها لم تكن مهمة مستحيلة. فقد تحدث مع أشخاص عاديين عن الجمعيات وأخلاقياتها وتاريخها، ومع أعضاء منها (بقوا مجهولين). حتى أنّه انضم شخصياً إلى إحدى الجمعيات: “وحضرتُ بعض الاجتماعات العامة…وكان عليّ أن أحفر إلى العمق لمعرفة معظم الحقائق التي سجلتها”. (ibid: 206)
اهتم فرانز بواس (Franz Boas) اهتماماً كبيراً بالمجتمعات السرّية عند الكواكيوتيل (Kwakiutl) وهنود الساحل الشمالي الغربي. وكانت الجماعة السرّية امتيازاً ممنوحاً لعدد قليل من أفراد بعض العشائر الذين أُعطي أسلافهم الحق في أداء رقصات معينة … [أو] أغنيات سرّية … [أو] الحق في أكل لحم بشري (Boas, 1907:337).
وكنواح عدّة من حياة الكواكيوتيل، كانت الجماعات السرّية ذات تصنيف تراتبيّ، وعلى الرجال الراغبين في الالتحاق بهذه الجماعات أن يخضعوا لطقوس شروع قاسية مثل العزلة والصيام. لكن كيف حصل بواس على تلك المعلومات؟ في الصفحات الافتتاحية لدراسته الإثنوجرافية، ذكر بواس أن جورج هانت (George Hunt)، وهو رجل من التلنغيت (Tlingit)، عمل مستشاراً ومخبراً محلياً وزميلاً له لسنوات عديدة، وهو الذي قام بمعظم البحث.
ويجدر النظر إلى أوجه الشبه بين هذه الأمثلة المبكرة من الإثنوغرافيا السرّية. فهناك شيء مشترك بين هذه الأعمال: كان يُنظر إليها على أنّها مثيرة للجدل لأنّها تُصور “الآخرين”، غير الغربيين، بشراً عقلانيين ومنطقيين. وتضع الرجل الأبيض كمرجعية. كل واحد من هؤلاء الانثروبولوجيين اعتمد بشكل كبير على الملاحظة بالمشاركة كمنهجية بحث بالرغم من أنّ الوصول إلى الجمعيات السرّية لم يكن دائماً بالمسألة السهلة. أخيراً، كان الانثروبولوجيون ذوي امتياز مقارنة بمخبريهم المحليين.
البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية في القرن الحادي والعشرين
هناك فروقات مهمة بين دراسة المجتمعات السرّية في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وبين دراسة المؤسسات الحكومية والبرامج السرّية اليوم. فمن ناحية التنظيم الاجتماعي، هناك توجه أكبر في البحث الانثروبولوجي حول المؤسسات السرّية المعاصرة نحو التركيز على الأجسام البيروقراطية، والوكالات الحكومية والشركات والمؤسسات غير الحكومية ومراكز البحوث، في سياق الدولة القومية وليس في المجتمعات الصغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فروقات مهمة في علاقات السلطة بين الانثروبولوجيين وأعضاء المؤسسات السرّية في كل حالة. فموني (Mooney) كان بالفعل عميلاً للحكومة الأمريكية ويجمع معلومات حول السكان المستعمَرين. كما كان بريتشارد متعاقداً مع الإدارة الاستعمارية البريطانية في السودان الإنجليزي-المصري (Anglo-Egyptian Sudan). ولا نعني هنا أنّ هؤلاء الانثروبولوجيين كانوا وسطاء للإمبريالية، بل كانوا في الواقع ينتقدون الآثار التفكيكية للسياسات الاستعمارية بالرغم من اعتمادهم في مصدر تمويلهم على الوكالات الاستعمارية ذاتها. ولكن عدم التماثل في القوة جعل مهمة التعرّف على المؤسسات السرّية من خلال الملاحظة بالمشاركة مهمة ممكنة. بينما الانثروبولوجي الذي يدرس وكالة الاستخبارات المركزية (السي أي أيه)، أو شركة “بلاك ووتر يو أس أي” (Blackwater USA)[7]، أو نظام التضاريس البشرية، فهو في وضع مختلف تماماً. فإنه يواجه مشكلة دراسة أعلى الهرم المؤسسي وليس أسفله، ويخضع لمجموعة من العوائق. في النهاية، صممت الملاحظة بالمشاركة لتسهيل فهم المجتمعات الصغيرة من خلال البحث المباشر وجهاً لوجه. حيث يمكن لأيّ غريب أن ينخرط في مسار الحياة اليومية لتلك المجتمعات، وليس من الوارد أن يقول أحد للأنثروبولوجي إنّه يقف على أراضٍ خاصة وعليه المغادرة. (Gusterson 1997: 115-116)
كانت العديد من هذه المعضلات متوقعة الحدوث منذ أكثر من أربعين عاماً. عندما طرحت لورا نادر (Laura Nader) سؤال: كيف بإمكانك أن تدرس مؤسسات لن تفتح لك أبوابها؟ فقد أدركتْ أن الملاحظة بالمشاركة لا يمكن تطبيقها عند دراسة المؤسسات الحكومية أو مؤسسات النخبة. (Nader 1969) ومن الواضح أنّ المشكلة هي مشكلة سلطة وسياسة وتتطلب مجموعة من التقنيات المبتكرة “لدراستها من كافة جوانبها”. (ibid: 307)
واقترحت نادر في الفقرة الختامية من دراستها “Up the anthropologist “[8] ثلاثة احتمالات يمكن أن تستبدل بها الملاحظة بالمشاركة: أولاً، تحليل الوثائق (بما فيها مواد العلاقات العامة والمذكرات الداخلية). ثانياً، المقابلات، وخصوصاً المقابلات المباشرة وجهاً لوجه، وأخيراً، “التحليل الذاتي”، وهو “وعي من جانب [الانثروبولوجي] حول كيف يُنظَر إليه كعالِم اجتماعي، أو كيف يُعامَل، أو كيف يستوعب ممارسات وقيم المؤسسة، أو كيف يتم وصفه في اللقاءات المحجوبة أو المكشوفة مع … أعضاء المؤسسات“ (ibid:308).
الوثائق المتوفرة بشكل علني
من بين اقتراحات نادر الثلاثة، تحليل الوثائق والمقابلات والتحليل الذاتي، وجدتُ أنّ تحليل الوثائق أكثرها أهميّة في المراحل الأولى من البحث، لسبب بسيط هو أنني واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى أيّ شخص داخل وزارة الدفاع للتحدث معه حول تفاصيل برنامج نظام التضاريس البشرية (HTS)، ولم تكن الملاحظة بالمشاركة خياراً قابلاً للتطبيق.
وأثناء البحث في قواعد بيانات المكتبة، وجدتُ عالَماً أنثروبولوجياً موازياً: عالَم يحوي عدداً صغيراً من الانثروبولوجيين من حملة الدكتوراه الذين كانوا يخططون ويروّجون لاستخدام العلوم الاجتماعية في البرامج العسكرية على صفحات المجلات العسكرية. على سبيل المثال، أفصحت مجلة (ميليتاري ريفيو) (Military Review)، التي تُحرّر وتُنشَر من قبل الجيش الأمريكي في مركز الأذرع المشتركة في (فورت ليفينوورث، كانزاس) (Fort Leavenworth, Kansas)، عن مشاركة أحد الانثروبولوجيين في تصميم البرنامج. وكشفت المجلة أن مهندسي نظام التضاريس البشرية تصوروا هذا النظام باعتباره برنامجاً لمكافحة التمرد في مرحلة حرب فيتنام.[9] ومجلة سمال وورز الإلكترونية (Small Wars Journal) [أو مجلة الحروب الصغيرة]، التي تحتوي على مدونات متعددة ومئات من مجموعات النقاش التي توفر كمية كبيرة من المعلومات حول مكافحة التمرد كخطاب عابر للتخصصات.[10]
وبدأتُ، لاحقاً، أتتبع تاريخ مفهوم “التضاريس البشرية” من خلال البحث في الكتيّبات العسكرية الميدانية، والتي يوجد الكثير منها الآن على الإنترنت في الموقع الالكتروني لاتحاد العلماء الأمريكيين (Federation of American Scientists)، وهو مصدر غني بالمعلومات.[11] كما بدأت بتمشيط تقارير موازنة البنتاغون، حيث تؤرشَف سنوياً من قبل المراقب المالي لوزارة الدفاع إلى الكونغرس. وكانت الوثائق الأكثر فائدة تلك المتعلقة بـ”البحث، والتطوير، والفحص والتقييم” (RDT&E) (Research, Development, Test and Evaluation). ووجدتُ في النهاية صفحات من وثائق الموازنات تسرد أشياء مثل ” MAP-HT“، وهي أداة رسم خرائط إثنوغرافية محوسبة تُستخدم من قبل فِرَق التضاريس البشرية وبرامج النّمذجة والمحاكاة التي تستخدِم بيانات التضاريس البشرية. وتشمل الوثائق الحكومية الأخرى، التي يمكن أن تكون مفيدة، أجزاء من سجل الكونغرس كفواتير التمويل. باختصار، إنّ الوثائق الرسمية غير المصنفة يمكن أن توفر معلومات صغيرة تساعد في الكشف عن ملامح رئيسية لأحجيات أكبر بكثير.
ومجموعة أخرى من الوثائق الملوّنة (والغامضة) من وثائق وزارة الدفاع متاحة بشكل علني، تتكون من عروض تقديمية (PowerPoint) كنا عثرنا عليها أنا ومجموعة أخرى من الزملاء على الإنترنت. وكانت هذه الوثائق مليئة بأشكال فن (Venn diagrams)، ومختصرات متعددة، وخرائط مرمّزة لونياً، ورسوم بيانية بيزنطية بنصوص ميكروسكوبية، وجميعها جديرة بتحليل لغوي جاد. و تمّ إتاحة تقريرين غير مصنفين على الأقل للجمهور منذ بداية نظام التضاريس البشرية.
ثم ظهرت مجموعة أخرى من الوثائق، والتي تبينت في النهاية أنّها مواد خاصة بالعلاقات العامة.[12] على سبيل المثال، قدّم الموقع الإلكتروني لنظام التضاريس البشرية لمحة عن كيفية تقديم نفسه للعالم كمشروع انساني منقذ ومحسِّن لحياة العراقيين والأفغان. وهناك العشرات من مقالات الصحف المتعاطفة مع برنامج التضاريس البشري ومشاركة خبير في العلاقات العامة من “واشنطن بلتواي” (Washington Beltway)، يوضّح فيها أن البرنامج كان يخضع لـ”حملة دعائية لإظهار البرنامج”. وفي غضون بضعة أشهر، ظهر برنامج التضاريس البشرية بشكل إيجابي في مجلة تايم (Time magazine)، ونيويورك تايمز (New York Times)، وول ستريت جورنال (Wall Street Journal)، و أماكن أخرى.
وجاء مثال آخر على مواد العلاقات العامة على شكل مدونة قصيرة العمر أنشأها أستاذ في الانثروبولوجيا من جامعة كريستوفر نيوبورت (Christopher Newport University)، يشغل حالياً عالماً اجتماعياً لشركة بي أي إي سيستمز (BAE Systems). تقدم دراساته (وصوره) للتطوير العسكري تفسيراً خالياً من النقد الذاتي حول الحياة في فريق التضاريس البشري، حتى اختفى موقعه الالكتروني فجأة في أحد الأيام عام 2007، بعد وقت قصير من كتابتي لمقال يتضمن وصف نقدي للمدونة.
ويقودني هذا إلى ذكر مصدر مفيد جداً للأنثروبولوجيين الذين يحاولون الوصول إلى مواقع إلكترونية اختفت بشكل غامض أو صارت “قيد الإنشاء”: الأرشيف الإلكتروني واي باك ماشين (Wayback Machine)، الذي يحتفظ بسجل جزئي لصفحات المواقع الإلكترونية المنشورة سابقاً، من خلال أخذ “لقطات” للصفحات وتخزينها.[13]
الوثائق المصنفة [السرّية] والوثائق المسرّبة
يمكن للوثائق المصنّفة والمسرّبة أن تعطي ثروة معلوماتية. أحد أكثر الطرق إبداعية في عمل البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية تم تطويرها من قبل دافيد برايس (David Price)، الذي تمكن من الحصول على مئات الملفات من وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب التحقيقات الفدرالي، ووكالة الأمن القومي، ومن وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية، من خلال استخدام قانون حرية الحصول على المعلومات (Freedom of Information Act) (FOIA): وهو مصدر كبير غير مستغل للأنثروبولوجيين والباحثين في العلوم الاجتماعية”.[14]
حدّد برايس جوانب محددة يمكن لقانون حرية الوصول إلى المعلومات أن يكون فاعلاً بشكل خاص. إذ يمكن استخدام القانون من قبل الانثروبولوجيين الذين يجرون أبحاثاً في مناطق اصطدم فيها الجيش الأمريكي والوكالات الاستخبارية مع السكان الأصليين. كما ويمكن أن يساعد القانون الانثروبولوجيين في الوصول إلى وثائق دبلوماسية غير منشورة مرتبطة بالمناطق التي قاموا فيها بعمل ميداني. باختصار، بإمكان أيّ باحث يبحث في مجموعات أو أشخاص كان لهم تماس مع وكالات حكومية أمريكية أن يستفيد من قانون حرية الوصول إلى المعلومات للوصول إلى سجلات من جميع فروع الحكومة المركزية. (Price 1997).
على أيّ حال، فهناك قيود. يشير برايس إلى أنّ الطلب من وكالة الاستخبارات المركزية ومن مكتب التحقيقات الفدرالي عادة “ما يأخذ سنوات ليمتثل إلى أبسط طلبات قانون حرية المعلومات”. (ibid: 14) فضلاً عن أنّه “يتم إتلاف الوثائق أسرع بكثير من الإفراج عنها تحت قانون حرية المعلومات”. (ibid) وعلى الرغم من خطاب الرئيس باراك أوباما البارز حول “حقبة جديدة من الحكومة المفتوحة”، رفضت إدارته طلبات قانون حرية المعلومات في سنتها الأولى أكثر بكثير من إدارة بوش في سنتها الأخيرة. (Malcolm 2010; Theimer 2010)
وتمّ تسريب وثيقة واحدة على الأقل تتعلق بنظام التضاريس البشرية، وهي كتيّب فريق التضاريس البشرية، والتي نشرت في ويكيليكس (WikiLeaks) في أيلول عام 2008.[15] وعلى الرغم من تعرض ويكيليكس لضغوط سياسية هائلة وتعليقها المؤقت لنشر وثائق جديدة، لكنّه من شبه المؤكد أن ويكيليكس، أو كل ما هو شبيه بها[16]، يعدّ أداة مفيدة لدراسة المنظمات السرّية، ولا سيما المنظمات الحكومية.
كتب ماكسيميليان فورت (Maximilian Forte) سلسلة من المقالات حول ويكيليكس والسرّية والانثروبولوجيا على موقع زيرو أنثروبولوجي (Zero Anthropology).[17] في الواقع، لم يكن فورت غير نقدي لويكيلكس، فقد انتقد “تعميم ويكيليكس” وتحويله من منتدى يدار من قبل مستخدمين إلى منتدى مغلق أوتوقراطي، مدركاً الأهمية التاريخية لويكيليكس عموماً، ولفضيحة كيبل غيت (Cablegate) تحديداً.
ويلاحظ فورت أن الكابلات الدبلوماسية التي يزعم أن برادلي مانينغ (Bradley Manning) سرّبها لا تمثل تهديداً للأمن القومي كـ”تهديدها لأمن النخب”. وتكشف هذه التطورات عن تناقضات عميقة بين المثل العليا لشفافية الحكومة من جهة، ودولة أمن قومي قمعية سرّية من جهة أخرى.
وأخيراً، قدّمتْ تقارير غير منشورة، أرشفها أعضاء نظام التضاريس البشرية، مصدراً حيوياً آخراً للمعلومات.[18] أحد الأشخاص، الذي عرّف عن نفسه لي كموظف تضاريس بشرية سابق، مرّر تقريراً سرّياً عن أنشطته في بغداد، على أن لا أنشر أو أقتبس منه. يسلط هذا الضوء على واحدة من المعضلات التي تواجه البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية. إذ يمكن للمرء بناء علاقة مع المطلعين من الداخل وجمع كميات كبيرة من البيانات، إلى أن تجد أنّ نشر تلك البيانات من شأنه أن ينتهك ثقة المخبر. وقد يثير البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية عدداً كبيراً من المآزق الأخلاقية والقانونية الصعبة، ومن المهم أن يدرك الباحثون الآثار الأخلاقية المترتبة على عملهم إدراكاً تاماً.
المقابلات و “التحليل الذاتي”
بعد أن بدأتُ بنشر مقالات صغيرة عن نظام التضاريس البشرية، اتصل بي عدد من موظفين حاليين وسابقين بالبرنامج بشكل مجهول (عادة باستخدام أسماء مستعارة)، بهدف التحدث حول تجربتهم في البرنامج. وتطلّبَت هذه العملية مني الصبر. في البداية، عندما يتلّقى المرء رسالة مجهولة بالبريد الإلكتروني أو مكالمة هاتفية من شخص مجهول يدّعي أنّه موظف من قبل مؤسسة سريّة، يجب أن تكون الشكوك هي ردة الفعل الأولية. ولكن وجدت أنّ المدخل الأمثل لمثل هذه الحالة هو اللامبالاة: فمع مرور الوقت، عرّفوا أنفسهم بالاسم (أحيانا بعد بضعة أسابيع)، وبالفعل تمكنتُ من التأكد من أنّهم كانوا من زعموا. وعلى الرغم من أنّ معظم هؤلاء الناس لم يرغبوا بنشر أسمائهم، إلا أنّهم قدّموا معلومات قيّمة حول البرنامج وأحياناً انتقادات.
ومع أنّ الذين قابلتهم كانوا يدعمون مفهوم التضاريس البشرية، أيّ أنهم يعتقدون أنّ “المعرفة الثقافية” يمكن أن تؤدي إلى احتلال عسكري أكثر لطفاً وودّاً، لكنهم كانوا يشعرون بالامتعاض من سوء إدارة البرنامج، أو التحرش الوظيفي، أو الدور المهيمن للعاملين السابقين في “القوات الخاصة”. ومع مرور الوقت، تمكنتُ من إجراء العديد من المقابلات وجهاً لوجه مع موظفين سابقين في التضاريس البشرية، ما أثبت أهمية أكبر بكثير من المقابلات الهاتفية.
كانت عملية بناء العلاقات صعبة في بعض الأحيان، فقد أُصيب عدد من أعضاء برنامج التضاريس البشرية السابقين بصدمات نفسية بسبب تجاربهم ولم يرغبوا في الحديث عن التفاصيل. وكان الوضع، في بعض الجوانب، مشابهاً للتحديات التي تواجهها دراسة “الجماعات الخفية” (Hidden Populations) (Singer, 1999)، كما وصفها الانثروبولوجي الطبّي ميريل سينجر (Merrill Singer).ولأن اتصالاتي أو لقاءاتي المباشرة مع الأعضاء الفاعلين في برنامج التضاريس البشرية كانت محدودة، لم يكن من الممكن دائماً قياس تصوراتهم ومواقفهم ورد فعلهم تجاهي. كان موظفو التضاريس البشرية عموماً مراوغين ولم يردّوا على استفساراتي بشأن عمل البرنامج في فترة عامي 2007 و2008.
وعندما اعترف مسؤولو التضاريس البشرية بهؤلاء الذين يقدمون تحليلاً نقدياً للبرنامج، استخدموا وسائل الإعلام وكانوا عادة رافضين للنقد: مثقفو “البرج العاجي” كان النعت المشترك لديهم. وهذا ليس مستغرباً، ففي المؤتمرات والمنتديات العامة الأخرى، تجاهل أو رفض موظفو التضاريس البشرية تلقي أسئلة الجمهور. ومن الواضح في الاجتماعات الأخيرة للجمعية الانثروبولوجية الأمريكية (American Anthropological Association) في مونتريال (في تشرين الثاني 2011)، حضور موظفي التضاريس البشرية، إلّا أنهم لم يقدموا عروضاً ولم يشاركوا في مناقشات المائدة المستديرة المفتوحة التي شجع فيها رؤساء الجلسات الجمهور في الإسهام في حوار أوسع نطاقاً.[19]
وجاء “التحليل الذاتي” الأكثر ثقباً لنظام التضاريس البشرية من قبل أنثروبولوجي عمل هناك لفترة وجيزة قبل أن يستقيل، وهو جون أليسون (John Allison)، الذي كتب تأملاً ذاتياً عن عملية التدريب في نظام التضاريس البشرية، والتي عادة ما تأخذ شكل التلقين، ويقول:
…كان للعسكر أجندة واعية لإعادة تأطير وعي المدنيين [أي العلماء الاجتماعيين]… وكان جزءاً من إعادة الهيكلة الإدارية معلناً، كما هو الحال في الدروس التي أوضحت أنّ أعضاء فريق التضاريس البشرية سيكونون جزءاً مضمّناً في التركيب العسكري، تماماً مثل مراسلي الأخبار، إنّ تعبير “تسخير” هو الوصف الأنسب. وبشكل متكرر، استُحضرت متلازمة ستوكهولم (Stockholm Syndrome) لتوضيح الوظيفة “التشكيلية” (shaping) لهذه الدروس…بدأتُ ألاحظ أنني مطوق من قبل أولئك الذين عارضتهم، وكانت خياراتي محدودة… وإذا قبلت افتراضاتهم حول “الواقع”، كان عليّ أن أتفق مع استنتاجاتهم حول المسؤوليات الوطنية: النداء إلى العمل (call to action)، والمَهَمَّة (The Mission)، وسلسلة القيادة (Chain of Command)، والقيمة [الرخيصة] لحياة [الأفغان] … بالمقارنة مع [حياة الأمريكيين]… ( Allison, 2010)
ولاحقاً، أصبح واضحاً أنّ الأغلبية [من المشاركين في فريق التضاريس البشرية، الذين لديهم وثائق التفويض العسكرية] رأوا أنّ عملهم هو التعجيل بتثقيف بقيتنا، أولئك الذين لديهم المهارات والمؤهلات المطلوبة لدعم صورة حرب “ناعمة” يعلنها نظام التضاريس البشرية، كصور الفوز بقلوب وعقول الشعب العراقي والشعب الأفغاني. أيّ أن يكسبوا الانثروبولوجيين إلى صفوفهم نحو ثقافة عسكرية في النظر إلى العالم، أو تهميش ودفع غير الممتثلين معهم للاستقالة. (ibid).
تحليل ذاتي كهذا لمشارك سابق، وناقد صريح لبرنامج وزارة الدفاع الآن، ساعدنا كثيراً على فهم الطبيعة القسرية للبرنامج، والتي يبدو أنها تعرّض المشاركين المدنيين (بما في ذلك العلماء الاجتماعيين) إلى أشكال الإقناع القسري وإعادة تشكيل الفكر.
جعل السرّي أكثر علانية
ما الذي يجعل البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية مختلفاً عن الصحافة الاستقصائية (investigative journalism)؟[20] أثرتُ هذا السؤال لأنه من تجربتي إنّ البحث في البرامج السرّية يوصف أحياناً وكأنه “عمل صحفي”، أو “غير مبرر”، أو “جدلي” من قبل الأكاديميين المحكِّمين (academic peer reviewers) (غير الانثروبولوجيين عموماً). كما لو أن بعض الأكاديميين غير قادرين على قبول العمل الانثروبولوجي الذي يواجه القضايا المعاصرة بطريقة مباشرة يمكن توضيحها للجمهور العام الواسع.
هناك العديد من نقاط الاختلاف الواضحة بين البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية والصحافة الاستقصائية. أولاً، لأن معظم هذا العمل يتطلب تحليل وثائق، فيمكن أن يستفاد من البحث الانثروبولوجي في إيجاد المعنى. على سبيل المثال، ما هي المعاني الأعمق، ليس فقط في النصوص بلّ في النصوص الفرعية أيضاً، للوثائق العسكرية التي ترمّز الناس بصور مجردة للغاية. ما الذي يعنيه أنّ باحثي العلوم الاجتماعية، الذين تعلموا أن يكونوا ذاتيي التأمل، قادرون بسهولة على تحويل ساحة الحرب إلى شبكة من الخرائط القبليّة المرمَّزة بألوان ورسوم بيانية وأشكال فنية جاهزة لتدخل في ملف عروض بوربوينت؟ كيف يمكن لظواهر مثيلة أن تساعدنا على فهم عملية إبعاد، وحتى تجريد “الآخر” من إنسانيته، بطريقة ربما مشابهة لتقنية عمل جهاز التحكم عن بعد لطائرة بدون طيار حربية؟
ثانياً، على خلاف الكثير من الصحافة الاستقصائية، فإنّ البحث الانثروبولوجي في المؤسسات السرّية يتطلب عادة استخدام مفاهيم نظرية أو فرضيات لإضفاء معنى على ظواهر محددة. وكمثال على ذلك فرضية سابير-وورف (Sapir-Whorf hypothesis)، التي قد تساعد في توضيح كيف يمكن أن تقود مصطلحات مثل “التضاريس البشرية” إلى معاملة الناس كقاذورات (أو في أحسن الأحوال، كمناطق سيتم احتلالها) من قبل أولئك الذين تبنّوا المقولة دون نقد.
نقطة اختلاف أخرى بين الانثروبولوجيا والصحافة الاستقصائية هي أنّ الأخيرة لا تحلل بالضرورة المؤسسات السرّية من منظور الاقتصاد السياسي، فالإضاءات الانثروبولوجية حول “الرأسمالية” يمكن أن تطبَّق بشكل مثمر لفهم أفضل لرأسمالية البنتاغون. بكلمات أخرى، فإنّ الانثروبولوجيين مجهزون جيداً لتحليل ظهور برامج مكافحة التمرد في الممارسات المتحولة للشركات التي تستفيد منها. بينما اعتبرت معظم التغطية الصحفية لنظام التضاريس البشرية البيانات المأخوذة من مسؤولي البنتاغون شيئاً مفروغاً من صحته. بينما يميل الانثروبولوجيون إلى نقد هذه البيانات منذ البداية، ربما بسبب الوعي بوجود رابط بين وزارة الدفاع وشركات التعاقد العسكري ومؤسسات الدعاية التجارية، إضافة إلى الوعي بعمليات التحكم.
ملاحظة أخيرة: إذا لم نقم بجهد كبير لنشر نتائج أبحاثنا للجمهور الأعمّ سنخسر فرص تقوية الملف العام لتخصصنا. صدقت جيليان تيت (Gillian Tett) عندما قالت أنّ تخصصنا يتمتع بفرص سماعه أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث.[21] حان الوقت للأنثروبولوجيين أن “يكونوا أذكياء ويخرجوا إلى العلن …فتنوع العمل الانثروبولوجي اليوم مذهل، والمأساة هي أنّ لا أحد يدرك ذلك”. (Tett, 2011)
وكما ذكرنا أعلاه، يمكن أن يكون لهذا تأثير في إزعاج أولئك الذين يفضلون أن يحصر العلماء الاجتماعيون بحثهم في أسئلة تافهة تصاغ بلغة نظرية فوقية. ولكن من الجيد تذكّر كلمات سي رايت ميلز (Mills, 1959)، الذي لاحظ أنّ: ” أيّ شخص في الدوائر الأكاديمية يحاول الكتابة بطريقة واضحة على نطاق واسع عرضة للإدانة بأنّه “مجرد أدبيّ”، أو أسوأ من ذلك: “مجرد صحفيّ” …وقد يكون هذا نتيجة للانغلاق الأكاديمي في الرتب على المستوى المتوسط، الذين يرغبون بشكل مفهوم في إقصاء أولئك الذين يحظون بانتباه الأذكياء من الأكاديميين وسواهم”. للأنثروبولوجيا إمكانية جعل المؤسسات السرّية أكثر علنية، ويجب ألّا ندع الفرص تفلت من أيدينا.
الهوامش:
[1] González, R. J. (2012), Anthropology and the covert: Methodological notes on researching military and intelligence programmes. Anthropology Today, 28: 21–25.
[2] روبيرتو جاي. غونزالس (Roberto J. González) هو أستاذ مشارك في الانثروبولوجيا في جامعة سان خوسيه الحكومية [كاليفورنيا]. له العديد من المؤلفات من ضمنها كتابه “علم الزابوتيك: الزراعة والغذاء في سييرا الشمالية في واهاكا (2001)” (Zapotec science: Farming and food in the Northern Sierra of Oaxaca (2001))، وكتابه “عسكرة الثقافة: مقالات عن حالة الحرب (2010)” (Militarizing culture: Essays on the warfare state (2010)).
[3] أنظر: Ho (2009) ، و Gusterson (1998).
[4] عن الدَّين أنظر: Graeber (2011)، وعن النّهب انظر: Mattei & Nader (2008)، وعن السّكّر انظر: Mintz (1982).
[5] الزابوتيك (Zapotec) هي حضارة قديمة أصلانية قبل غزو كريستوفر كولومبس الاستعماري “للعالم الجديد”، تقع في وادي واهاكا (Valley of Oxaca) في أمريكا الوسطى.
[6] لمصطلح (covert) [سرّي] عند الجيش والوكالات الاستخبارية الأمريكية تعريف محدد يميزه عن مصطلحات مرادفة [كلها معناها: سرّي أو خفي أو مستتر أو غير معلن أو مصنّف] مثل (clandestine)، و (secret)، و(classified)، الخ. فقاموس وزارة الدفاع الامريكية للمصطلحات العسكرية والمرتبطة بها يعرِّف العملية السرّية (covert operation) بـ”عملية يتم التخطيط لها وتنفيذها بحيث تخفي هوية الراعي أو تسمح بالإنكار المقبول” (US Department of Defense 2011: 81). وأنا استخدم هذا المصطلح بمعناه العام (ليس بمعناه العسكري)، أي مرادف لكلمة (hidden)، أو (secret).
[7] التي اصبحت اليوم إكسيا كورب (XiaCorp)
[8] دراسة لورا نادر “Up the Anthropologist: Perspectives gained from Studying Up“، وتتحدث فيها عن كيفية دراسة المؤسسات في أعلى الهرم الاجتماعي مثل المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى، على خلاف الانثروبولوجيا التقليدية التي تدرس المؤسسات أو الجماعات في أسفل الهرم الاجتماعي. (http://www.dourish.com/classes/readings/Nader-StudyingUp.pdf) [المترجم]
[9] أنظر: McFate & Jackson (2005)، Kipp et al. (2006).
[10] أنظر: http:// smallwarsjournal.com/
[11] أنظر: www. fas.org/; see also http://www.fas.org/irp/ doddir/army/
[12] لأن العديد من الوثائق المعلنة حول نظام التضاريس البشرية والبرامج العسكرية والاستخباراتية الأخرى هي عموماً وثائق علاقات عامة ودعاية سياسية، فمن المهم جداً أن يقيم الباحث بحذر صحة المعلومات الوارد فيها. المؤلفات التالية تعطي مقدمة رائعة للمعنيين بتحري التلفيق: “The books Trust us, we’re experts“، و”Toxic sludge is good for you“، تأليف (Stauber & Rampton 2002).
[13] يمكن العثور عليها في الموقع:www.archive.org
] أنظر: Price (1997:12)، قانون حرية المعلومات (FOIA) هو قانون أمريكي يتطلب الإفصاح الجزئي أو الكلي عن العديد من الوثائق الحكومية. بالرغم من أن برايس (Price) لم يكن أول الباحثين الاجتماعيين الذين استخدموا القانون كأداة بحث (فهو يعطي الفضل لعالم الاجتماع والمؤرخ سيغموند دايموند (Sigmund Diamond) وآخرين بتطبيقات مبكرة بهذا الخصوص)، لكن برايس استخدمها بشكل فعال أكثر من أي انثروبولوجي آخر.
[15] أنظر: http://wikileaks. org/wiki/US_military:_ Human_Terrain_Team_ Handbook,_Sep_2008
[16] كالموقع الإلكتروني: https://publicintelligence.net/
[17] أنظر: Forte (2010a; 2010b; 2011).
[18]وقد أتيح للجمهور تقريران على الأقل من تقارير نظام التضاريس البشرية غير المصنفة.
[19]في نقد لاذع “للباحثين العسكريين الذين لا يتحدثون في العلن”، وصف دايفد برايس (Price, 2011) مؤخراً كيف أنّ مدير العلوم الاجتماعية في نظام التضاريس البشرية، كريستوفر كينج (Christopher King)، أصرّ على أن يتم حجب ملاحظاته عن الرأي العام في مؤتمر أكاديمي. عدم رغبة كينج في اتباع المعايير الأكاديمية المتعارف عليها من الشفافية والمساءلة تكشف الحجاب عن الهوية السرّية لنظام التضاريس البشرية.
[20] ومن الجدير بالذكر أن حوارات قيمة برزت بين الانثروبولوجيين والصحفيين الاستقصائيين، وخصوصاً فيما يخص نظام التضاريس البشرية. وفي بعض الحالات، أدى تبادل الوثائق والتحليلات والتبادلات المتعددة المكتوبة على المدونات (الانثروبولوجية وغير الانثروبولوجية) بمشاركة من الصحفيين الاستقصائيين إلى نوع من الجهود البحثية الجماعية والجماهيرية.
[21] للحصول على ملخص ممتاز لعرض تيت (Tett) في اجتماعات جمعية الانثروبولوجيين الأمريكية لعام 2011 في مونتريال، أنظر: erinbtaylor.com/ aaa-2011-gillian-tetthow-anthropologists-cancontribute-to-economicpolicy-debates/
المصدر: https://goo.gl/41mzca