موقع أرنتروبوس

الأنثروبولوجي و رواية التاريخ

نوة الكرم

الأنثروبولوجي و رواية التاريخ
نوة الكرم لنجوى شعبان نموذجا

بقلم : شوقى بدر يوسف

“الرواية هى بحث عن قيم أصيلة فى عالم لا أصيل، فهى بالضرورة وفى آن واحد سيرة وتاريخ أجتماعى”. لوسيان جولدمان

مدخل
منذ أن كتب سعد مكاوى روايته التاريخية ” السائرون نياما ” فى اوائل الستينيات، وحشد لها وجه الحياة فى مصر المحروسة بكل ما تحويه من زخم لصراعات كثيرة متبادلة بين الحكام المماليك بعضهم البعض والمحكومين المصريين المغلوبين على امرهم، خلال تلك الفترة التى تبدأ من عام 1468 وتنتهى عام 1499 و سرد فيها وقائع الصراع الدائر فى قصور المماليك، ووجه الواقع المزرى فى حوارى القاهرة ومقاهيها وحلقات أذكارها، وأوكار مجونها وصوامع متصوفيها ومجاذيبها، وأيضا ما كان يدور فى قصر الملتزم من ممارسات فى قرية ” ميت جهينة ” وبيوت الفلاحين وطاحونة القرية والحقول وغيرها من الأماكن التى احتفى بها النص، حيث قدم الكاتب فى هذه الرواية الرائدة صورة واقعية صادقة لنضال المصريين ومعاناتهم خلال تلك السنوات المضطربة العجفاء، وقدم لنا شخصيات ومواقف أثنوجرافية حمّلت النص كثيرا من جماليته، وأعطته أبعادا سردية وتأويلية خاصة .

منذ أن كتب سعد مكاوى هذا النص والرواية القائمة على سوسيولوجيا الحياة، والتى تأخذ من التاريخ خطوطا، ومعالم تضئ بها مناطق اجتماعية كانت عائشة وموجوده معنا منذ وقت قريب نسبيا، هى فى حقيقة الأمر تعيد إلى الأذهان وتطلعنا على وقائع وحيوات وأشخاص تعطى دلالات وتأويلات لصور متشابهة فى واقعنا الآنى المعيش، يبدو ذلك واضحا من خلال منطق مهم يتمحور حول مقولة تقول بأن التاريخ يعيد ويكرر نفسه عبر مساحاته الزمنية الضيقة والواسعة، ولعل الساحة السردية للرواية المعاصرة قد أحتفت بمثل هذه النصوص التى عكف بعض منها على الإختباء وراء قناع التاريخ، و قنع البعض الآخر بتجسيد مراحل من التاريخ هى أولا وأخيرا تعبر تعبيرا مجازيا عن حاضر وواقع نلمسه ونعايشه ولكن بطريقة مغايرة تسايرالعصر، وقد حظى عصر المماليك بأعمال روائية جسدت ملامح ما كان يدور فيه من أحوال ووقائع لها خصوصيتها لما لهذا العصر من ثراء وخصوبة فى التناول الواقعى الذى يعكس وجه الحياة، بل ويعتبر نموذجا حيا لعصور كثيرة لها وجه التشابه فى القمع والقهر والصدام الحتمى بين الحاكم الجائر والمحكوم المغلوب على أمره، فبخلاف ” السائرون نياما ” لسعد مكاوى، كتب جمال الغيطانى ” الزينى بركات ” مستلهما عصرا وشخصية معقدة وطاغية استدعاها من كتاب بدائع الزهور فى وقائع الدهورلأبن أياس الحنفى،

وكتب الكاتب الكويتى إسماعيل فهد إسماعيل ثلاثيته ” النيل يجرى شمالا .. البدايات والنواطير .. والنيل الطعم والرائحة ” عن الصراعات المملوكية إبان ظهور الحملة الفرنسية على مصر، وكتبت سلوى بكر ” البشمورى ” عن مرحلة صعود الحضارة العربية، وكتب أمين معلوف أعماله الروائية عن الحروب الصليبية وصدام الحضارات فى ” ليون الأفريقى ” و ” صخرة طانيوس ” وغيرها من أعماله الروائية، إلا أن الرواية التى تكاد تتناص مع ” السائرون نياما ” بل وتكاد أن تكملها زمنيا وربما فنيا أيضا هى رواية ” نوة الكرم ” للروائية نجوى شعبان، حيث انتهت احداث ” السائرون نياما ” عام 1499 فى مدينة القاهرة، و بدأت احداث ” نوة الكرم ” فى الأول من يناير عام 1500 فى مدينة دمياط ، بولادة التوأم غياث الدين وليث الدين، أبنى أسرة صباغ الأقمشة ” السيد بصل ” الذى تدور حولها وبها أحداث الرواية، والروايتان تمثلان عزفا سرديا على نغمة واحدة هى سوسيولوجيا التاريخ، وقائعه وأحواله الأجتماعية وعاداته وتقاليده وشخوصه الضاربة بجذورها فى مساحات فضاءاته المختلفة المكانية والزمانية .

وقائع التاريخ وخصوصية النص
إذا كان بول ريكور يقول فى معرض حديثه عن الرواية والتاريخ ” : إنه إذا كان التاريخ يوصلنا إلى معرفة الممكن ويفتح أمامنا أبواب هذه المعرفة ومجالاتها، فإن الرواية الخيالية حين تعرض علينا ما هو غير واقعى أو غير حقيقى فإنها تكشف لنا فى الوقت ذاته عما هو جوهرى فى ذلك الواقع، كما انها تتنبئ بما هو قابع خلف دهاليز ودروب الأيام والأزمان من أحوال تحتاج إلى من ينفض عنها التراب ويعطيها معناها الحقيقى التى كانت عليه من قبل، وهذا القول يصدق تماما على العلاقة بين الأنثروبولوجى والرواية اللذان يمثلان معا منظومة تعيد تنشيط التاريخ الأجتماعى لطبقات متدنية من المؤسسة الأجتماعية العائشة فى أزمان غابرة، كما يصدق أيضا على طريقة الكتابة نفسها والتى تتناول بحيادية تامة أزمانا هاربة وتاريخا مفعما بالصراع الذاتى، والتمرد الحياتى على كل شئ،

فما فعلته الحياة مع أسرة السيد بصل المكونة من أربعة أبناء ولدين وأختين، الولدان هما غياث الدين وليث الدين والأختان هما ليل وسنانية وتاريخ هذه الأسرة الفقيرة التى عاشت فى زمن تاريخى محدد فى مدينة دمياط هو ما كتبته الكاتبة نجوى شعبان فى روايتها ” نوة الكرم “، مجسدة بهذا البناء السردى معالم استدعاء التراث والتاريخ، والتعبير عن موروث رمزى ينطبق على كل زمان ومكان، لذا فإن روايتها الأولى ” الغر ” قد جاءت هى الأخرى بمعانى من التاريخ استلهمت الماضى والحاضر من خلال شخصيات رمزية تعبر عن الواقع، وفى روايتها الثانية ” نوة الكرم ” أعادة نفس اللعبة، الدخول إلى مناطق من التاريخ تستطيع أن تقول مالا يستطيع أن يقوله الواقع، وبذلك أصبح التاريخ والتراث والموروث مصدرا للأستعارة و الرموز والنماذج العليا التى تعبر عن الحساسية التى نعيشها الآن .

وهى كما تقول عن فعل الكتابة عندها ” : أكتب كى أفهم أن أحل خيوط الصوف المتشابكة، حتى تصبح بكرة الخيط تمتلك الدقة والتعقيد فى طبيعتها، لكن التواصل والحوار بات على قدر من السلاسة ” وتقول أيضا عن إعادة كتابة التاريخ ” : أكتب لأن الكتابة هى الحياة عندى، فإنها تحمينى على المستوى السيكولوجى، إذ يحدث أن يتعذر علّى هضم مظالم وقضايا مزيفة، وتاريخ مكتوب على المقاس، أو أتجاوز خبرات قديمة كانت أو حديثة .. هنا تتحول الأمور العامة إلى حبكة روائية وشخوص مثيرة للجدل ” .

لذا كانت شخصيات هذه الأسرة المصرية البسيطة وما حدث لها على المستوى التاريخى والمستوى الواقعى مثيرا فعلا للجدل فى كل شئ، فى أحلامها وطموحاتها وتوجهاتها وحياتها على القدر التى جسدته لنا الكاتبة، فليل هى الأخت الكبرى وعائل الأسرة بعد وفاة أبويهم، بينما سنانية فهى الأخت الصغرى، وغياث الدين وليث الدين وهما التوأم اللذان يمثلان جانبا هاما للتنوع والإختلاف، خاصة فى هذه المرحلة التاريخية القائمة على سوسيولوجيا اجتماعية لها خصوصيتها فى التناول فى عصر مثل عصر المماليك الملئ بالمتناقضات والأغتراب فى كل شئ والتى تتحكم فيه طغمة استعمارية غير منتمية لا للمكان ولا للزمان، وفى مدينة مثل مدينة دمياط الساحلية حيث يتقابل عندها فيضان النهر وأمواج البحر، وفى زمن أسطورى عجيب يبدأ تماما فى الأول من يناير عام 1500 حيث ولد فى هذا اليوم التوأمان غياث الدين وليث الدين مع هبوب رياح نوة رأس السنة الميلادية، وحيث العالم فى هذا الوقت متغيرا تماما فى كل شئ ، المعاملات، الممارسات، شكل الحياة ، القوانين ، السلطة المتصرفة، أسباب القهر والقمع وأنواعه ووسائله، أسماء من كانوا على رأس الهيئة الأجتماعية، وبعض اسماء من كانوا فى قاعدة هذه الهيئة، ومع آلية التطور فى حياة الشخصيات نجد أن كل شخصية أخذت لنفسها مسارا خاصا فى نسيج النص، بحيث أصبحت كل شخصية من الشخصيات المركزية فى النص وكأنها محور أحداث لذاتها ولعالمها الخاص .

ولعل الغرائبية المتناثرة فى نسيج النص مع التماهى التى تتمتع به الشخصيات تجعل ممارسات كل شخصية وظروفها الخاصة أشبه بجزء من حبكة معقدة، وواقع مأزوم تحاول الكاتبة من خلاله أن تدين الواقع الذى كان، وأن تسقطه على الواقع المعاصر . خاصة وأن الكاتبة قد جسدت لنا وسط هذا الواقع شخصيات متخيلة، أولها عبد الجليل المطراوى الذى حاول الناس نسيانه خلال مراحل التاريخ، لأنه شخصية مثيرة للجدل أنقسم الناس عليها ما بين ناقم ومحب حتى انتهى امره إلى النسيان التام خلال مراحل التاريخ المختلفة، وثانيها شخصية الترجمان، والترجمان كشخصية مستقلة فى نسيج النص وعلاقته بالسلطة هو جزء يمثل مصداقية الواقع داخل الأحداث من خلال ترجمته لمواقف السلطة تجاه الناس وفضحه لجوانب متعددة لممارساتهم المكشوفة تجاه مصادرتهم للحريات فى الأسواق والحارات والأسبلة، بل ومصادرة الحرية الشخصية داخل البيوت أيضا، وقد حاولت السلطة المتحكمة فى دمياط فى ذلك الوقت احتواء الترجمان إلى جانبها حتى يكون صوتها أمام التاريخ، تملى عليه ما تريد هى أن تقوله لكنها فشلت، فتعرض الترجمان للسجن والتعذيب من خلال كتاباته التى كان يملء بها قراطيسه والتى كانت تؤرق مضاجعهم وتؤلب عليهم العامة من الناس، فالترجمان كشخصية حكائية صادقة وناقدة يمثل وجه التاريخ الذى يحكى ولا ينسى أى شئ يتحدث عنه ،

وبجانب ذلك أيضا جسدت لنا الكاتبة شخصية عصرية تتمثل فى حفيدة الترجمان، أو هى مترجمة جديدة للتاريخ تحاول أن تقرأ ما تركه جدها وتعيد صياغة ما وراء السطورعلها تجد فيه شيئا جديدا قاله الجد / التاريخ له تأويله وتفسيره المعاصر، حتى أن هناك رسالة كانت مرسلة من زوجة الترجمان السودانية والتى رحلت إلى قبيلتها فى السودان، ولم يقم الترجمان بفض هذه الرسالة حتى وصلت إلى الحفيدة وعليها نفس الشمع الأحمر التى ختمت به وقد مضى عليها خمسمائة عام لم تقرأ ولم يفض خاتمها ” : تساءلت الحفيدة مجددا : لماذا لم يفتح جدى هذا الخطاب، أأكون قارئته الأولى بعد ما يربو على خمسمائة عام ؟ ” . ( 265 ) إن وقائع التاريخ الذى أعطى هذا النص خصوصيته، أنه وضع يده على حياة أسرة دمياطية بسيطة، سار وراء شخصياتها فى كل مكان ذهبوا إليه، وإلى كل زمان حلوا فيه، فى دمياط المكان الأثير للكاتبة عاشت الأسرة وكأنها ريشة فى مهب الريح، عملت ليل فى صناعة الكحك، وكانت تسمى ليل الكحكية، تعرضت لمحكات المهنة ، وحلمت أحلاما كثيرة أهمها أنها تريد أن تصبح غير مرئية لجانب موروث فى العائلة، حيث انتحرت جدتها وخالتها، وسميت العائلة بأسم عائلة المنتحرين، عشقت ليل وتعنوست ثم تزوجت بعد أن تقدم بها العمر من أحد ضيوف أخوها ليث الدين ” المهتدى الجريكو ” مصمم سفن القراصنة فى البحر المتوسط، سافرت معه إلى رودس حيث انجبت أبنها الوحيد ” نور الدين ” وبعد وفاتها تتركه لصديقتها المسيحية آمونيت لتربيته،

وتتعرض آمونيت لآتهامها بالزندقة والسحر فيقبض عليها وتحاكم ويؤخذ منها نور الدين ويسلم إلى أحد الكنائس ويعطى أسما جديدا هو أوغسطين، ولأن دمياط هى ثغر مصر الذى يتقابل عنده النهر والبحر معا ، فقد عمل أخوتها على ظهر السفن، أصبح ليث الدين أحد كبار القراصنة الذين يعملون لصالح الباب العالى فى اسلامبول فى البحر المتوسط، بينما عمل غياث الدين فى مهنة والده صباغ، وعندما ذهب للبحث عن أبن أخته نورالدين فى جزيرة رودس، هاجم القراصنة سفينته فى الطريق، وتم أسره بعد أن أشرف على الغرق، ونقل إلى فرنسا حيث عمل مع أحد كبار التجار فى صباغة وتجارة الحرير فى اوربا الشرقية، أما سنانية الأخت الصغرى فتتزوج من أحد فنانى الخزف بعد أن قابلته فى يوم القيامة المزعوم فى لحظات شبقية جمعت بينهما مصادفة عند جزيرة الفل، وكان الخزاف قدرها فى هذا اليوم الذى غير كثير من مظاهر الحياة فى هذه الأرض الخربة التى أطلق عليها بعد ذلك جزيرة الفل، وترحل سنانية معه إلى واحة سيوة، وبعد وفاته تعود إلى دمياط مباعة إلى عبد الجليل المطراوى كبير تجار المدينة، وتصبح أحد جواريه المقربين، ولكنها تصبح فى نفس الوقت أحد أسباب مقتله .

إن تاريخ هذه الأسرة وما صاحبها من أحداث جسام، مرت بها كنموذج لواقع الحياة هو محور ما جسدته الكاتبة فى سياق نصها عن هذه الأسرة البسيطة والتى عبرت من خلال أفرادها عن واقع الحياة فى تلك الفترة، حتى إنه عندما بدأ الرحيل لأول أفراد هذه الأسرة وهى ليل الكحكية، فطنت صديقتها آمونيت إلى ذلك الرحيل فى آخر لقاء بينهما حينما كانت ليل توصيها على أبنها نور الدين وعلى كل أحبابها، وكأنها على وشك أن تصبح فعلا غير مرئية، ولكنها هذه المرة ليست كحلم يراودها وتنشده ولكنه كقدر مقسوم لها أن تراه فى هذا العمر المتقدم بعد أن عاشت حياتها وتاريخها كله كنموذج لعائلة السيد البصل الباحثة عن الراحة والأستقرار والآمان فى هذا العالم، والتى قدر لها الغربة الأغتراب فى الداخل والخارج ” : لم تتحمل آمونيت ألوان الهالة حول جسد صديقتها المقربة ، فاغمضت عينيها حتى لا ترى الرمادى الفحمى، فالبنى الطينى، والقرمزى الشاحب .. تفحصت جسد امرأة تهيئ لها كأنها تعرفها وهى تلقم الكانون باعواد الحلفا المشتعلة، عظام هذا الساق التى كسرت، اليدين اللتين عجنتا الكعك والفطائر، كفها اليمنى التى صفعت به سنانية صبيحة يوم القيامة، الفخذين اللذين تجمرا شبقا طويلا ثم متعة متأخرة، الشفتين اللتين انطبقتا على تحمل الألم والمسئولية واعتزام نذر الله، وانفتحتا فقط لتقهقه وتسخر وتلقى بتعليقات بذيئة، ذلك الكبد الذى تفتت للفقد والرحيل، وتلك الدمعة التى لم تذرفها لأنها لا تزال عاتبة على أمها، وذلك الرغيف الذى ظلت تقسمه خمسا حتى اليوم ” . لقد كانت هذه النبضات الأيحائية التى مرت بذهن الراهبة آمونيت وكأنها شريط سينمائى مكثف لحياة ليل أبنة السيد البصل المرأة التى عاشت تاريخ هذه الأسرة وعانت وكابدت فى سبيل أخوتها شأنها شأن أى أسرة مصرية بسيطة عاشت فى دمياط وأصبحت الآن فى ذمة التاريخ .

الأنثروبولوجى فى ” نوة الكرم “

” : ثمة منطقة مشتركة بين المجال الأنثربولوجى والرواية تتمثل فى اهتمام كل منها بإعادة صياغة العالم الإنسانى الذى يدور حوله البحث أو النص الروائى وإن اختلفت الأنساق و الأساليب، ومع أن كلا من العالم الأنثربولوجى والكاتب الروائى يستمدان المادة الأولية التى يصوغان منها عملهما وانتاجهما العلمى والأدبى من عالم الواقع، أو من الأحداث التاريخية التى وقعت فى فترة زمنية محددة، فإن كلا منهما ينظم بطريقته الخاصة تلك الأحداث والوقائع، ويحدد لنفسه المساحة الزمنية والمكانية التى يختار منها تلك العناصر الأولية ، سواء أكانت هذه العناصر هم الأشخاص أو الموضوعات او الممارسات أو الأشياء التى يتناولها بالبحث والتحليل والوصف والسرد .

وهذا هو ما توخته واحتفت به الكاتبة نجوى شعبان فى روايتها ” نوة الكرم ” حيث لجأت إلى المزج بين كم كبير من المعلومات الأثنوجرافية التى عكفت على جمعها من مجتمعات متباينة فى العادات، والتقاليد ومختلفة فى اسلوب معيشتها واستطاعت بخيالها المبدع أن تصوغ منها نصا روائيا متميزا يستخدم من التاريخ أبنية تخدم وجهة النظر التى تتوق إلى التعبير عنها داخل النص .

وقد اضطلعت الكاتبة بوظيفتى السارد والأنثربولوجى فى آن واحد فى تفسير التجربة الإنسانية، وإعادة تركيب العالم الإنسانى للشخوص خلال تعاملها مع الأحداث، كما أنها قامت أيضا بترتيب سوسيولوجيا الحياة لوقائع وممارسات قديمة نسبيا لشخصيات قريبة إلى حد كبير مما نعايشه الآن، وبطريقة تجعلنا نتعاطف مع العديد منها باعتبار أن كل شخصية كما قلنا عالم قائم بذاته يعيش العصر ، ويعايش الواقع ، يؤمن بعاداته وتقاليده ويتآلف مع كثير منها وأحيانا يتمرد على ما يخالف جبلته فيها، ولكنه فى النهاية ينصهر داخل الفضاء الخاص بالزمان والمكان الموجود، ويكون قد وصل إلى نهاية المطاف بعد أن عرك الدنيا وعركته، وليست شخصيات ” ليل و سنانية وآمونيت و غياث الدين و ليث الدين والمطراوى والترجمان والخزاف والسرياقوسى وكل من يدور فى أفلاكهم من شخصيات ثانوية أخرى ” وبما تحمل هذه الشخصيات كلها من هموم وطموحات ورغبات ومشاعر وتجارب إنسانية إلا عوالم خاصة، تحاول الكاتبة تجسيد تفعيل هواجسها خلال نسيج النص، ومن خلال موقف كل منهم مع ذاته ومع الآخرين، ومن خلال أيضا وضعه الإجتماعى الذى جسدته الكاتبه وأعطته سماته وطبيعته الشخصية، ومن خلال استدعاء التاريخ الذاتى لكل شخصية وما مر بها من مواقف وأحداث أوصلتها إلى منعطف تشكلت منه مقدرات حياتها، وأدى فى نهاية الأمر إلى العودة إلى الجذورالأولى التى بدأ منها الجميع وهى مدينة دمياط ، كما نجد وجود بعض التقارب بين رواية ” نوة الكرم ” وبعض الأعمال الأنثربولوجية الضخمة الرائدة مثل كتاب ” سير جيمس فريزر ” المعروف ” بالغصن الذهبى ” .

فالكتاب فى جوهره دراسة عميقة للسحر والدين ويضم قدرا كبيرا من المعلومات المرتبطة بهذه الجوانب الغيبية استمدها الكاتب من عدد كبير من المجتمعات والثقافات فى مختلف العصور، وجمعها فى كتابه بطريقة أدبية رفيعة، وعبر خيال إبداعى يتمتع به جعله يحتفى بالعديد من عناصر الحكى والسرد والوصف فى كتابه الغرائبى الذى رصد فيه أيضا بعض الموضوعات الأثنوجرافية القصصية والأساطير والحكايات المرتبطة بالعادات والتقاليد، الأمر الذى جعل من هذا الكتاب أشبه برواية شائقة ضخمة ، وهو ما نجده أيضا فى نسيج رواية ” نوة الكرم ” فكمية العادات والتقاليد وبعض الأساطير والحكايات المليئة بالسحر والدين ورصد بعض محاكم التفتيش الحاكمة سواء ما ظهر منها فى دمياط وتعرضت له ليل، أو ما ظهر منها فى الواحات وتعرضت له سنانية أثناء اقامتها هناك خاصة بعد وفاة زوجها الخزاف أثناء ذهابه إلى مكة مع قافلة الحج، أو ما ظهر فى جزيرة ردوس وتعرضت له الراهبة آمونيت بعد إتهامها بممارسة السحر، شكل فى نسيج النص موضوعات شبه أثنوجرافية جمعت من مواطن عديدة مما جعل النص أشبه بكيان أسطورى نابع من حكايات تشبه إلى حد كبير حكايات ألف ليلة وليلة .

والمتتبع لشخصيات النص الرئيسية وهم أولاد السيد بصل يجد أن هذه الشخصيات هى الشخصيات المركزية فى النص ليل سنانية غياث الدين وليث الدين، وهى الشخصيات الفاعلة التى كان دورها الرئيسى هو إبراز وتجسيد وجه الحياة الإجتماعية فى هذا الزمن من عصر حكم المماليك .

لقد كانت شخصية ليل الأخت الكبرى شخصية ذكية وماكرة وحصيفة، ولكنها فى نفس الوقت متمردة على ذاتها وعلى واقعها المعيش وكان الجانب الإنسانى فى طبيعتها جانب تغلب عليه ملكة الأمومة، فهى تمثل جانب المسئولية فى تعاملها مع واقعها ومع عائلتها الصغيرة مع إنها لم تتزوج ولم تنجب إلا فى مرحلة متقدمة من العمر، إلا إنها عندما ولد أخويها التوأم غياث وليث مع نوة رأس السنة الميلادية ليناير عام 1500، كانت هى فى الثالثة عشر من عمرها كما ورد فى النص، منذ تلك اللحظة إعتبرت نفسها هى الأم المسئولة عن أخوتها وأسرتها كلها، وتجسدت فيها هذه العاطفة الطاغية بقوة لدرجة أنها كانت تبحث لهم عن السعادة منذ اللحظات الأولى لولادتهما، ربما لأنها أشفقت على أمها الضعيفة جسديا من هذا الحمل الكبير لولادة توأم مما سيثقل كاهلها بتحمل تبعة تربيتهم ، وبناء على نصيحة من تاجر فى الطريقة الرفاعية كانت ليل تخبز لأمرأته، قال لها : سمعت من تاجر يمنى إن حشو تمرة بجزء من مشيمة طفل يحفظه، بل ويحدد مستقبله ” .

وعندما استسلمت الأم لنوم عميق بعد ولادتها تسللت ليل إلى الخارج، بعد أن لفت تمرتين بجزئين من مشيمة أخويها المولودين ، ومشت حتى السوق والقيساريات، رمت وهى مغمضة العينين تمرة غياث إلى زنبيل قرض احضره غجرى لتوه عسى أن يغدو غياث عطارا ثريا، ثم استأنفت سيرها إلى بحر النيل ، وقذفت بتمرة ليث على امتداد زراعها إلى النهر عسى أن يصبح صيادا أو صاحب مركب ” . بهذا الفعل الأنثربولوجى القائم على عادات وتقاليد متوارثة يعرفها المتعاملين فى هذا المجال، لم تتوان ليل فى تنفيذ هذا الأمر لعل الأمر يكون خيرا لأخويها، كما أن عاطفة الأمومة عندها كانت من القوة بحيث كانت تتخيل نفسها فى عالم مغاير خيالى رحب تحاول أن تعيش فيه، كانت ليل تريد لنفسها أن تصبح فتاة غير مرئية تحلق فى الفضاء ترى الدنيا ولا يراها أحد، ربما هى لطبيعتها البسيطة، أو جبلة تتوق اليها، ربما هى زهد فى الحياة، بعد أن مرت بمحن ونكبات وكوارث كثيرة ،فهى تريد الأختباء مما بقى منها على مر الزمن أو تريد الأحتماء بمصيرها الباقى، حتى إنها فى مرحلة متقدمة من السن كانت صويحباتها يتقولن عليها بأنها كانت تزهد فى الفراش والأولاد ” : وكم كان خيال ليل مفصحا ورحيما ، يعوضها ، فتشرد فيما شغفت به ولها أن تكون غير مرئية كمخلوق خرافى لم تتحدث عنه الحكايات ، ما رغبت ليل أبدا فى أن تصبح مثل أمنا الغولة أو الجنية الطيبة اللتين تظهران وتختفيان متى ارادتا، إن اتيح لها الأختيار فسوف تكون ذلك المخلوق المحايد، فقط يراقب ويشاهد ، لا يلحظه الناس ولا يمنحونه اهتماما ، لأنه تقريبا غير موجود ودائما غير مرئى ” .

إن الصور الواقعية النابضة بالحياة والتى تظهر من خلال الموروث الثابت فى عادات الناس وتقاليدهم تظهر من خلال رؤية محورية ثابتة تبرز هذا الموروث وتحدد أحداثه العلاقة بين الظواهر الطبيعية وبين ما يحدث فى المتخيل الأثنوجرافى الذى يحكيه الناس ويؤمنون به ، وقد جسدت الكاتبة العديد من هذه الظواهر المليئة بجوانب معتقدات الحياة المختلفة التى يعيشها الناس فى إعتقاد راسخ بأن هذا هو واقعهم وهو الذى يجب أن يكون ، فعندما عشقت ليل المجبراتى لأنه أهانها ولمس أحد أوتار شخصيتها المتمردة، طلبت من أحد الغجر النور إطلاق البخور والسحر لأحضاره أيا كان، وبعد الطقوس التى أقامتها الغجرية يحضر المجبراتى فعلا وهو فى حالة يرثى لها، فتضحك ليل وتشعر أنها قد حققت ذاتها بهذا الطلب الأنثوى الشبقى، فتطلب من الغجرية أن تصرفه فورا، وعندما تشعر زوجة المجبراتى هى الأخرى بأن زوجها قد تغير من ناحيتها تفعل سحرا مضادا للمحافظة عليه، لذا كانت الأعمال السحرية أحد معالم الأنثربولوجى الموروث فى هذه المجتمعات وهو يكثر خاصة بين النساء، حتى أن سنانية بعد أن تزوجت الخزاف وسافرت معه إلى واحة سيوة، وانهمك الخزاف فى أعماله الفنية بحيث أصبحت هى كل همه، لا يرى سواها ولا يهتم إلا بها، تلجأ سنانية إلى الخواطى خارج الواحة تستشيرهم فى كيفية جذب الزوج واستمالته إلى الفراش فى حالة مثل حالة زوجها الخزاف ، والطريقة المثلى للحبل والإنجاب .

كذلك عادة الدوسة التى يقيمها الصوفية كل عام ليلة المولد وما ينتج عنها من حوادث قتل وجرح للمشتركين فيها من خلال مرور الفرس على اجسادهم النائمة فى حلقة بشرية تضم عددا كبيرا من أفراد الصوفية المشتركية فى هذا الطقس الغريب، وكيف أن الترجمان قد تسبب فى إيقاف هذه العادة حينما تآمر عليه المحتسب مع القائمين على الدوسة بأن وضع فى حدوة الفرس سلاحا قاتلا واتفقوا على توقيت معين يضرب فيه الفرس بقدمه المسلحة جسد الترجمان، لكن المفزوع الهارب من العثمانيين افتداه بجسده قبل أن تدوسه أقدام الفرس، كذلك ما تعرضت له سنانية بعد ولادتها مباشرة فى واحة سيوة بعد أن جاءها خبر وفاة الخزاف، حين أطلق عليها أهل الواحة صفة الغولة وحبسوها فى حجرة هى وأبنها لأعتقادهم أن الزوجة التى يموت زوجها تصبح نذير شؤم على أى أحد يراها أو تراه، حتى يمر عليها أربعين يوما لا ترى أحد ولا أحد يراها، وقد طلبت سنانية حضور أخيها غياث ليأخذها إلى دمياط، لكن أهل الواحة رفضوا تسليمها له إلا بعد مرور المدة المتفق عليها، وطلبوا اليه الأنصراف وسوف يرسلونها له بعد مرور هذه المدة وله أن يستقبلها فى الأسكندرية .

كذلك ما تعرضت له الراهبة آمونيت فى جزيرة رودس عندما قبض عليها بتهمة السحر والشعوذة وتمت محاكمتها أمام أحد محاكم التفتيش وطلب الجمهور إحراقها لهذه التهمة البشعة . إن هذه المشاهد الأثنوجرافية التى حفل بها النص إنما تمثل وجها من أوجه التاريخ الأجتماعى لهذه الشخصيات فى حياتها أو هو وجه نابع من معتقدات هذا العالم الذى يعيش هذا الزمن فى كل من هذه الأماكن المختلفة التى صورها النص .

جماليات النص
تنبع الميزة الجمالية للنص من طبيعته الخاصة المهيأة لرسم هذا الواقع المستمد من سوسيولوجيا التاريخ بغناه و دلالته و مناطقه الأجتماعية والبشرية، وتنوع المظاهر التى يبحث ورائها فى شتى الأتجاهات الفنية والفكرية، وتعدد الفضاءات المعقدة الآتية من ماض بعيد نسبيا نحن نعرف إنه ماضى، حيث تنفذ قدرة الكاتبة الوصفية والسردية إلى أعماق هذا الماضى، وإلى الإنسان فتكشف همومه، وإحبطاته، وتوجهاته، وأفكاره، وأحلامه وتخرجها فى صورة تعبيرية مليئة بالايحاء والتأويل، وفى ” نوة الكرم ” تكمن جماليات النص من وجهة نظرى فى عدة محاور تتوزع فيها إضاءة العمل وتنوع مداراته، أولها اللغة السردية المكتوبة بها أحوال و نسيج النص والتى تعبر عن غنى كبير فى التعبيرعن الذات الفاعلة داخل النص لبعض الشخوص المحورية وبعض الشخصيات الثانوية الأخرى ،

وأيضا فى سرد الوقائع وتحليل الروابط التى تجمع بين الشخصيات المتآلفه ليل وآمونيت كنموذج على الرغم من الإختلاف فى الدين والشكل والتوجهات بينهما، لذا كانت الشخصية والأتكاء على صيرورتها هما عمق العمل الروائى يتعلق بها كل شئ، مثل علاقة الخزاف بالجماليات التى يبحث عنها فى أعماله الخزفية الفنية، حتى إنه بكى تأثرا عندما صنع عملا فنيا خزفيا وصل به من وجهة نظره إلى حد الكمال، وأيضا مثل رجوع المطراوى إلى ماضيه القديم أثناء ما كان الفتى السلافى ماثياس وحنينه الدائم إلى الكرنفالات والطقوس الوثنية التى كان يقوم بها مع بعض اقرانه، أيضا علاقة المفزوع مع أخته وضربه المستمر لها على الرغم من خوفه الدائم المستمر وهروبه الوهمى من العثمانيين المحاربين لطومان باى، لقد اهتمت الكاتبة بتيمات حكائية نثرتها فى نسيج النص بحيث اضفت على هذا النسيج معانى أسطورية كتجربة تحاول بها أن تسرد وقائع الحياة من خلال منظور جمالى يضفى على سردها مجازا عتيقا كما يقول فيرنر برجنجرين فى كتابه الخيال القديم ” : إن أحسن الحكايات كما نعلم هى دائما تلك التى كانت ما تزال تقع فى العصر الأوتوقراطى، ففيها شئ من روعة الخرافة، والمجاز العتيق، وهو ما لا تستغنى عنه حكاية حقا ” .

كذلك نجد أن استخدام الحلم فى أجزاء كثيرة من النص أضفى عليه أيضا أبعادا اشتركت مع عوامل فنية أخرى فى خصوصية جديدة مكنته من أن يكشف معانى جمالية تعبر عن ما وراء الواقع داخل النص، وفى نفس الوقت داخل الشخصية المعنية بالأمر، حلم ليل الذى رأت فيه المرأة الحصان والرجل الحصان كمثال لذلك، قد أحست فى الحلم أنها تجرى بدون الم فى ساقها المكسورة، منذ هذه اللحظة أحست ليل بأنها فى حاجة إلى شئ مفقود لديها إنه الرجل، لذا كانت علاقتها بالمجبراتى بعد ذلك هى كل همها حتى إنها عرضت عليه الزواج، لكنه رفض بسبب عائلة زوجته ذات النفوذ والقوة ” : وجدته أمامها على التل، ينظر إلى عينيها مباشرة، رفع حافر قدمه اليمنى الأمامية، فإذا بها كف إنسان ثم قام بقص خصلة من شعرها لتنسدل كغرة على جبينها، قال فى صهيل يشبه غناء فى محارة هجرها الشط : شمعة ذهبية ” .

أيضا الحلم حينما كانت مع الراهبة آمونيت داخل سراديب الهرم، انفصلت ليل عن جسدها داخل الهرم وحلقت فى هذا الجو الأسطورى الغرائبى ورأت فيما يرى النائم لحظة هاربة بالإندهاش وقعت عليها ” : انفصلت ليل عن جسدها تحلق، وياللروعة، ترى البحر ترتجف على أمواجه شموس مسائية صغيرة، رفرفت فى فضاء قمرة / مصرية ، إنه ليث الدين باتم عافية وبال رائق، ورجل تألفه ولا تعرفه يحدق فى وجه أخيها المتأمل، إنه يحدق فيها الآن : هل يرانى حقا ؟
إن إشكالية التاريخ فى رواية ” نوة الكرم ” حددتها الكاتبة منذ بداية الدخول إلى ساحة النص، وهى الإعتماد على مفهوم الشخصية لواقعها المرسوم، حتى الشخصية الحاضرة الغائبة فى خضم التاريخ من الممكن أن يكون لها وجود ولكن إلى حدود متفق عليها، مثل شخصية المطراوى الذى تناساه الناس من مئات السنين بعد أن كان هو السيد المطاع والمحسن الكبير على أرض دمياط، وذهبت أيامه وحلت محلها أيام أخرى جديدة، بينما الباحث فى تاريخه الذاتى يجد إنه فتى سلافى صغير خطف من أهله وبيع وشاء له القدر أن يصبح السيد المطاع فى قومه وشاء له القدر أيضا أن يذهب من حيث أتى، وأصبح أثرا بعد عين ، إن رحيل الشخصية عن العم الفنى بانتهاء دورها سواء أكان هذا الأنتهاء سابق لأوانه أو فى أوانه الطبيعى يعتبر إسدال الستار عن عالم كان قائما وحياة كانت ملء العين، رحل الخزاف ورحلت ليل وقتل المطراوى وفى النهاية يحدث رحيل جماعى للترجمان وآمونيت والفزاع وأصبحت الأرض ملك لأجيال جديدة تحكى حاضرها كما حكت الكاتبة التاريخ .

المراجع
• مقاطع مجتزئة من رواية نوة الكرم ، ميريت ، القاهرة ، د . ت
• الوجود والزمان والسرد .. فلسفة بول ريكور ، ترجمة وتقديم سعيد الغانمى ، المركز الثقافى العربى ، الدار البيضاء ، 1999
• علم اجتماع الأدب .. الوضع ومشكلات المنهج ، لوسيان جولدمان ، مقال مترجم ، فصول ، القاهرة ، ع 2 م 1 ، يناير 1981 ص 102
• الرواية الأنثربولوجية بين الواقع والخيال ، د . أحمد أبو زيد ، عالم الفكر ، الكويت ، ع 3 / 4 م 23 يناير/مارس – ابريل/يونيو 1995 ص 135
• ندوة نوة الكرم للروائية نجوى شعبان ( ملف خاص ) ، عن ورشة الزيتون ، العدد الأول ، 15/7/2002 ص 6

Exit mobile version