موقع أرنتروبوس

ألفرد بل: الباحث في تاريخ أسلمة البربر

يونس لوكيلي


ألفرد بل: السيرة
ولد ألفرد بل  Alfred Bel بمدينة سالين الفرنسية سنة 1873، وتوفي بمكناس سنة 1945. درس ب “ثانوية بيسانسون” وحصل على البكالوريا العلمية سنة 1890. بعدها أصبح أستاذا معيدا بإعداديتي أوكسير و بليدا 1891، ثم في ثانوية وهران سنة 1892، وحصل على البروفي في العربية سنة 1897، ومرّ إلى ثانوية الجزائر، وساعده هذا في الحصول على الدبلوم سنة 1899. سيعوض دوتي كأستاذ للآداب بمدرسة تلمسان، وسيلقى تقديرا عند مدير المدرسة ويليام مارسي.
في سنة 1902 نشر في المجلة الآسيوية دراسة حول “الجازية، أغنية عربية من خلال ملاحظات حول بعض الأساطير العربية وسلوكات بني هلال”.
وفي سنة 1903 نشر عملا تاريخيا في مجلة الإرساليات الإفريقية Bulltin de Correspondance Africaine الصادرة عن مدرسة الآداب الجزائرية، وكانت الدراسة حول “بنو غانية: آخر ممثلي الإمبراطورية المرابطية وصراعهم مع الموحدين”.في سنة 1905 اختاره ويليام مارساي ليكون على رأس مدرسة الجزائر.
في نفس السنة سيشارك في المؤتمر الرابع عشر للمستشرقين المنظم في الجزائر، وكانت مشاركته بعنوان:” بعض طقوس  الاستمطار في وقت الجفاف  لدى المسلمين المغاربيين”. وقد راجع كولدزيهر هذه الدراسة في مجلة تاريخ الأديان، وقدّر منهجه المقارن، ومقترباته الإثنوغرافية العامة، للطقوس المستعملة لدى البدائيين من جهة أولى، وفي البقايا الوثنية الشعبية في أوروبا من جهة أخرى.
لقد انخرط، إذن، بل في الدينامية العلمية التي أعلنها روني باسيه وإدموند دوتي في الجزائر ومفادها كما عبر آلان مسعودي كالآتي:” إن المعرفة باللغات والنصوص لا يجب فقط أن تساعد على نشر النصوص الأدبية والتاريخية، لكن أيضا الانفتاح على المعرفة الإثنوغرافية المعاشة كحصن علمي Avancée scientifique في انتظار أن تدفعنا لتنوير وتوجيه حركية الغزو الكولونيالي”.
سينشر سنة 1908 في مجلة دراسات إثنوغرافية و سوسيولوجية مع أرنولد فان غينب، عضو المعهد الإثنوغرافي بباريس، مقالا بعنوان ” السكان المسلمون في تلمسان”. وسنة بعدها، اقتُرح ليكون مديرا لمدرسة الجزائر، لكنه فضّل أن يبقى في في تلمسان، التي شغل فيها عدة مناصب بتكليف من الحكومة الفرنسية بالجزائر.
وسينشر سنة 1911-1913 باشتراك مع كوتسي بُوالي، نص وترجمة “تاريخ بني عبد الواد وملوك تلمسان” المؤلَف من قبل أخ عبد الرحمن ابن خلدون . في سنة 1913. ورفقة بروسبير ريكارد أغنيا الدراسات حول الصناعات المحلية بالجزائر، وأنجزوا دراسة بعنوان “عمل الغزْل ب تلمسان”. كما ساهم بأعمال في المجلة الأركيولوجية، التابعة لمجموعة المتحف الأركيولوجي في تلمسان.
استدعاه ليوطي لينظم ويشرف على تعليم الأهالي في منطقة مكناس وفاس، وفيها أصبح مديرا للإعدادية الإسلامية. ورأى أنه يجب التخلي عن إرادة إصلاح الجامع-الجامعة القرويين القديم، وتركه يموت بهدوء، لكنه سرعان ما تصادم مع غاستون لوث القادم من تونس، الذي اقترح تطبيق نموذج المدارس الجزائرية في المغرب، وتدريس اللغة العربية فقط في الإعدادية الإسلامية بفاس والرباط. وهو التوجيه الذي لم يُتخلى عنه إلا سنة 1918.
واصل بل تطبيق منهجه للاكتشاف التاريخي والإثنوغرافي ونشر” المخطوطات العربية بفاس”1917-1919. وفهرس الكتب العربية بمكتبة جامع القرويين بفاس. ولوحة الصناعات الزليج بفاس 1918. والمجموعة البيوغرافية “تكملة الصلة لابن العبّار”، بالاشتراك مع محمد بنشانب 1920. وأصدر “تاريخ  المدينة من خلال المرينيين المعاصرين، “زهرة الآس” 1923.
عاد إلى تلمسان بطلب من جورج مارساي، رفقة زوجته التي كانت مفتشة للتعليم الأهلي الفني المهني والصناعي في الجزائر 1921، وتابع معها خطة الحفاظ وتكييف الحرف التقليدية، وتثمينها في نفس الوقت مع السياحة الثقافية.
حصل سنة 1936 على التقاعد وأسس جمعية أصدقاء تلمسان القديمة، واستقبل كرئيس للمؤتمر الثاني لفيدرالية الجمعيات العالمة لإفريقيا الشمالية. ودافع عن مشروع بحث واسع حول الصناعات التقليدية المحلية دون أن ينجح في ذلك.
استقر بين 1942-1943 بمكناس عند ابنه لوسيان ليشتغل على الجزء الثاني من كتاب “الدين الإسلامي في بلاد البربر” – الذي صدر جزؤه الأول سنة 1938-  وتوفي قبل إنجاز هذا العمل عن سن تناهز الثانية والسبعين.
الأعمال العلمية: وصف بيبليو موضوعي

لم يحظى ألفرد بل باهتمام كبير لدى المهتمين بتاريخ المعرفة الفرنسية بالجزائر والمغرب، مقارنة بزميليه رينيه باسيه و إدموند دوتي من مدرسة الجزائر.  ف أندري آدم ذكر  له  12 عملا كما أورد ذلك في البيبليوغرافيا النقدية#، علما أن آدم لا يذكر إلا الدراسات التي أنجزت حول المغرب. أما آلان مسعودي، الذي وصف بل ب المستعرب، فذكر دراسات لم يحصها آدم، وهي حوالي ثمان دراسات يمكن اعتبارها بطلب من الحكومة الفرنسية بالجزائر، ومعظمها  أنجزت حول الجزائر. أما جاك بيرك في تأريخه للسوسيولوجيا المغاربية# فتجاهل بل تماما. وفي الاتجاه نفسه سار الخطيبي# حيث لم يذكره على أساس أن أبحاثه ليست سوسيولوجية.
الدين الإسلامي في بلاد البربر
La Religion Musulmane en Berbérie
لا يتضمن هذا الكتاب، – 407 ص-، أي إشارة إلى مكان النشر أو تاريخ النشر ولا دار النشر. وهو موجود بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، ضمن الكتب النوادر، برقم 10.062.2/40 . وفي الفهرس الذي وضعته المكتبة منصوص على مكان الطبع في باريس بالمكتبة الاستشراقية بول كوتنر، سنة 1938. في حين أن الكتاب لا يؤكد على هذه المعلومة. غير أن المؤلف يوقع مقدمة الكتاب ب تلمسان الجزائر. ألفه بل باللغة الفرنسية ولا أظن أنه ترجم إلى اللغة العربية.
هذا الكتاب ليس فقط دروس وندوات مختصرة أقيمت حول الإسلام في شمال إفريقيا في كرسي العربية ب تلمسان أو كلية الآداب بجامعة الجزائر، لكن كما يقول بل في المقدمة أن هذا الكتاب وضعه ك كراس عملي يستعمله الشباب المستعرب، والطلبة في العلوم الإسلامية بإفريقيا الشمالية، وأيضا ليساهم في دراسة قضايا السوسيولوجيا الإسلامية لبلاد البربر، وأيضا الإعداد ل المونوغرافيات الضرورية من أجل الإضاءة على قضايا تلك السوسيولوجيا. وأراد كذلك تقديم مجموعة من المفاهيم المنظمة لفائدة الرأي العام  الفرنسي، والأهالي المسلمين، وتدقيق حالة معرفتنا حاضرا حول الدين الإسلامي في المناطق الشمال إفريقية الثلاث، الخاضعة اليوم للحكم الفرنسي.
ويعتبر  بل هذا جزءا أولا، وسيصدر جزآن آخران لاحقا. وفي ذلك يقول:” في هذا الفصل نتناول فقط التاريخ الديني الإسلامي في بلاد البربر منذ القرن السابع إلى العشرين. نتفحص التغيرات التي لحقتها بسبب الإسلام، من خلال محطات وتأثيرات فرعية، داخلية وخارجية، بحيث أن الشرق الإسلامي مصدرا للتخصصات اليهودية الدينية، التي دخلت إلى المغارب، و تم تأويله وتوضيحه من خلال علماء الدين وأساتذة القانون في هذه البلاد، ودرّسوه في إفريقيا الشمالية.
وفي الجزء الثاني سوف يخصص للبقايا الدينية في الإسلام كما في الديانتين التوحيديتين الأخيرتين، ونرجعها إلى ماضيها البعيد، من العهد السالف وصولا للدين الإسلامي. وسنمر على الأعياد والأعراف الشعبية الأساسية، التي هي أجنبية وقديمة عن الإسلام، وغالبا مزين بصيغ المسلمين الممتزجة بالرُقى السحرية. وهذه شواهد مازالت حية في الاستعمالات والمعتقدات المسترجعة من عصر روما أو قرطاج و أقدم من ذلك وأبعد نحو الوثنية الشرقية أو المتوسطية. وفي الجزء الثالث، سوف أقدم الإسلام كما يُعرض علينا في الحياة الدينية للمسلمين الأرثوذكس أو السنيين لبلاد البربر، أو في المظهرين الأصليين للإسلام- المذهب والتشريعين السنيين- حسب تعاليم الرسول والخلفاء الأوائل، وأيضا الإسلام الصوفي، ويتضمن كل ما في البلاد، المتعلق بطقوس الأولياء والطُرق الدينية. في هذا الفحص للدين الحالي، سنتناول الإسلام الأورثوذكسي أوالسني فقط، الذي هو دين الجمهور الكبير للأهالي، وسوف نترك جانبا الإسلام الشيعي للعباديين- مزاب، وجزيرة غْربة وقابل نافوسة-. لم ندرس إلا ما هو تشريعي قانوني، المتعلق بالحق الخاص أو العام، من أجل ألا نمسك إلا بما يمس العقيدة و الشريعة المنظمة للعلاقة بين العباد والله.” و للأسف، الجزءان الثاني والثالث لم يعرفا النور.
ويمكن اعتبار الأسئلة التالية التي طرحها بل موضوعا للكتاب: ” ماهو هذا الدين من خلال العصر الوسيط والأزمنة المعاصرة، ومنذ متى جاء إلى بلاد البربر من قبل العرب، ابتداءا من القرن السابع إلى اليوم؟
كيف أصبح إسلام الرسول والخلفاء الأربعة بعد 13 قرنا من التطور؟ وهل لحقه تحول في هذه البلاد؟
ماذا بقي من معتقدات واستعمالات سحرية ودينية قبل إسلامية في الدين وعند الأهالي حاليا؟”.
وقد تناول هذا الكتاب حسب الفهرس التالي:

المقدمة/ طريقة كتابة الكلمات العربية والبربرية/ توجيهات بيبليوغرافية عامة.
الكتاب الأول: البربر قبل ومع الإسلام إلى XI القرن.
الفصل الأول: بلاد البربر والبربر قبل الإسلام
أ‌- البلاد والسكان
ب‌- دين البربر القدماء
الفصل الثاني: الغزو العربي وتأسيس الإسلام السني في بلاد البربر
أ‌- أسباب نجاح الغزاة العرب
ب‌- الفتح
ت‌- تأسيس الإسلام السني أو الأرثوذكسية
الفصل الثالث:  القرن التاسع… تكون العقائد والتشريع، والتقليدانية، والعقلانية: المدارس الأرثذوكسية.
أ‌- مبادئ عامة
ب‌- العقائد
ت‌- التشريع
الفصل الرابع: الشيعة المسلمين في بلاد البربر: الخوارج والشيعة
أ‌- الشيعة الخوارج
ب‌- الشيعة الشيعيون أو الفاطميون
الفصل الخامس:  محاولات رد الفعل السياسية الدينية للبربر:   بدع المصموديون من القرن الثامن إلى القرن العاشر.
أ‌- ردود فعل الخوارج
ب‌- دين البرغواطيين
ت‌- دين الغماريين
الكتاب الثاني:   بلاد البربر و الإسلام من أواسط القرن الحادي عشر إلى أواسط القرن الثالث عشر.
الفصل الأول: عودة المالكية والغزو العربي الثاني
أ‌- اختفاء الشيعة الفاطميين
ب‌- الغزو العربي الهلالي
الفصل الثاني:  المرابطون يفرضون في بلاد البربر الغربية و في الجنوب الإسباني الإسلام السني والمذهب المالكي.
أ‌- أصول وتطور الفتح السياسي والديني
ب‌- المذهب الشريعي الديني للمرابطين
الفصل الثالث: الموحدون وتكوينهم الديني القانوني على أساس عقلاني وانتصارهم على المرابطين والتقليدانية المالكية.
أ‌- الإصلاحي ابن تومرت
ب‌- المذهب الموحدي
الكتاب الثالث: بلاد البربر والإسلام من XIII إلى اليوم
الفصل الأول: المملكات الأسلامية البربرية الثلاث من القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر : الحفصيون، العبدودوديون، والمرينيون
أ‌- الحفصية
ب‌- العبدودوديون و المرينيون
ت‌- الوضع السياسي الديني من من XIII إلى XVI
الفصل الثاني: العلم والدين: تطور الصوفية
أ‌- المدارس والتعليم الشريعي الديني من من الثامن إلى الثالث عشر
ب‌- الصوفية في الإسلام
ث‌- الصوفية في بلاد البربر في القرن الرابع عشر
الفصل الثالث: بلاد البربر والإسلام من القرن  الرابع عشر الى اليوم.
أ‌- أثر الصوفية على الدراسات الشريعية الدينية
ب‌-  الغزو المسيحي لبلاد البربر ودود الفعل الدينية
ت‌- النتائج السياسية
ث‌- النتائج الاجتماعية
الخاتمة
اعتمد بل المصادر أساسية في دراسته لكتّاب أوروبيين حول الإسلام السياسي الديني في بلاد البربر وفي الشرق ايضا. وكذلك العربية في الموضوع. واعتمد مجلات باللغات الأربع، وهي 61 مجلة باللغات العربية وافرنسية زالانجليزية والألمانية منها bulletin du comité de l’afrique française  واعتمد موسوعات، وهي حوالي 30 موسوعة مثل ، وكذلك اعتمد “المراجع الأساسية حول الدين الإسلامي”، مثل القرآن وكتب الحديث، واعتمد أيضا كتبا أخرى باللغات الأورربية وهي أكثر من 180 كتابا. ورغم ذلك فقد عانى بل من قلة المراجع بسبب إقامته أثناء تأليف الكتاب بتلمسان التي لم تكن تتوفر فيها مكتبات مثل الجزائر.
وقد ختم كتابه هذا بالخلاصة التالية: “إن تاريخ بلاد البربر المسلمة خلال  ثلاث عشرة قرنا مضت منذ الغزو العربي، تؤكد الحقيقة التالية: أن الإسلام عبارة عن دين دولة، وسيادة الدولة هي[تعني] أولا حراسة الدستور الإسلامي باسم من يحكم: وهذا ما ينجم عنه أن جميع الحركات السياسية المناوئة للحكومة تتأسس على الدين بشكل أو بآخر”.
تاريخ ولي مغربي يعيش حاليا في مكناس
Histoire d’un saint musulman vivant actuellement a Meknès
نشر بل هذا المقال- 19ص- في مجلة تاريخ الأديان، التي بشرف عليها كل من رينيه ديسود و بول ألفندري. الجزء 75، السنة 39، سنة 1917. صدر عن دار إرنست لورو، بباريس. ألف المقال باللغة الفرنسية بمكناس كما هو موقع في نهاية المقال. ولا تتوفر أي ترجمة له إلى حدود اليوم.
وقد قام بل بهذه الدراسة بمكناس، حيث يوجد والولي الذي يدرسه، وهو مولاي أحمد الوزاني، الذي كان حيا حين أنجز الباحث دراسته عنه، وأنجز الدراسة بين مارس 1914 وغشت 1916 حينما كان في مهمة إلى مدن فاس ومكناس ونواحيهما. وقد درسه في عين المكان بما سماه سيرة الولي hagiographique.
يلاحظ الكاتب أنه في الدراسات حول الأولياء في الإسلام  وطقوسهم لم يجد مثالا ملموسا يعطينا عملية- بشكل تفصيلي بعض الشيء- ملاحظة من قبل أوروبي، وصول رجل ما لمستوى ولي وهو على قيد الحياة، ونشأة طقوس هذا الولي، وتطور هذه الطقوس تبعا لظروف تلقائية أو اصطناعية. وفعلا، ففي حدود الأعمال التي اطلعت عليها لم أجد من تناول الولي بهذا الشكل، وهو تناول طريف وغير مسبوق في الأعمال الإثنولوجية الموجودة. ويشير بل إلى أن مولاي أحمد الوزاني ليس حالة فريدة من نوعها بل هناك حالات أخرى مثل سيدي يوسف بتلمسان و وسيدي عبد السلام بوجدة.
وعلى هذا الأساس يؤكد بل من بين كل الأولياء الأحياء الذين رأيتهم يبقى مولاي أحمد الوزاني أهمهم، ذلك أن حالته لا تفتح، فقط، مثالا لبلوغ القداسة، وكرامة الولي،  من خلال الجذبة l’imbicillité ، ولكن حالة نموذجية لاستعمال الولي من قبل المْقدْم” ص 264. وهو أيضا يلقي الضوء على أن قوة الولي تكمن في بركته، وعبرها يستطيع أن يؤسس حركة معتبرة من الزائرين الذين يطلبون فضله.
وتناولت الدراسة هذا الموضوع من خلال النقاط الآتية: المدينة وأولياؤها? عيساوة  وحمادشة?/تعريف بالولي، أصله ونشأته، شكله، مناقبه، و وظائف الولي، ومهام المْقدَم الدكالي.
ومن مصادر بل المعتمدة أعمال إدموند دوتي باعتباره تلميذه ومن مدرسته الجزائرية، خاصة دراسته الهامة”ملاحظات حول الإسلام المغاربي: الأولياء”. ومن حيث الأدوات المنهجية، الملاحظة الشخصية، يقول:” المؤشرات المقدمة في هذه السطور عبارة عن نتائج الملاحظة الشخصية وحوار مع مريدي وخدام الولي، وكذلك حوار مع شباب حي رياض القسطاني?رحبة الزرع القديمة?”.
لمحة حول الإسلام في بلاد البربر
Coup d’œil sur l’islam en berbérie
نشر ألفرد بل هذا المقال- 71 ص- في مجلة تاريخ الأديان، التي يشرف عليها كل من رينيه ديسود و بول ألفندري. الجزء 75، السنة 38، سنة 1917. وتصدرها دار إرنست لورو، بباريس. ألفه باللغة الفرنسية، ولا تتوفر أي ترجمة إلى اللغة العربية.
يبدأ بل بالعبارة التالية:” يعرف الجميع اليوم أن الدين الإسلامي لم ينغرس في البلاد البربر لا بسرعة ولا بسهولة”
ويسعى بل في هذه الدراسة إلى” تتبع المراحل الكبرى لتطور الإسلام عند البربر إلى يومنا هذا، ولكي تكون قائمة هذا الدين كاملة لا ينبغي تجاهل المعتقدات والشعائر التي تعيش مع الإسلام والتي هي ظاهرة أو مضمرة بشكل من الأشكال، مثل: عبادة الأولياء، العقائد الإحيائية، السحر والشعوذة، وأيضا من البقايا الأديان القديمة الماقبل إسلامية. إن تدين البربر المسلمين يظهر من خلال عبادة الأولياء، والاعتقاد في الأرواح، والجْنون، والاحتفالات السحرية المؤسلمة بشكل أكبر أو أقل. التي تعبر عن الكثير من الممارسات القديمة جدا” ويضيف أن الأولياء في بلاد البربر عوضوا البقايا الإلهية القديمة”” ص 111.
وقد قام بالدفاع عن هذه الفكرة من خلال توزيع الدراسة على النقاط الآتية:
مقدمة حول الإسلام والمعتقدات الأخرى
تعريف الإسلام
كيف استقر الإسلام إلى بلاد البربر
التصوف
الطرق الدينية والاحتفالات الطقوسية
ولي مكناس مولاي احمد الوزاني
تعريف البركة ووظائفها
تصورات الأهالي عن الأرواح الجنية
طقوس الشعوذة
عيد عاشوراء حسب لاووست
حركة الأسلمة في بلاد البربر
ويرى بل في موضع آخر انه يصعب تقدير درجة أسلمة سكان البربر، وينقل عن بعض مواطنيه الذين كانوا في بلاد البربر، حيث يؤكدوا أن  هناك أسلمة ضعيفة la faible islamisation في عدد من القبائل البربرية. وقبل هذه النتيجة أشار إلى الجهل بالدين الذي يعم بلاد البربر، وتساءل: كم من الأهالي لا يقومون بأي من الصلوات المفروضة؟ وكم منهم لا يتبعون تعاليم صوم رمضان؟ وكم منهم يجهلون أو يتجاهلون نواهي وأوامر الشريعة الإسلامية؟
ويسجل بل ملاحظات مهمة حول الدراسات في حقل الدين مؤكدا أنه ليست هناك لحد اليوم أبحاث جادة حول هذه الأسئلة، موجهة بمنهج دقيق. في هذا السياق يستشهد ب “استمارة حول المجتمع البربري” الصادرة عن لجنة الدراسات البربرية بالرباط سنة 1915.  وأن أجوبة هذه الاستمارة كل سنة، تحظى بالتقدير، لكن من الأفضل توسيع مجال الملاحظة نحو القبائل العربية والناطقة بالعربية. ويشير أنه قبل 25 سنة قام المقيم العام الفرنسي جوتار فولي ب بإنجاز بحث إداري واسع همّ الحياة المادية و والفكرية والدينية وقدم البحث نتائج هامة في الجانب المادي والفكري. أمام في جانب التطور الديني باستثناء بعض المونوغرافيات حول التجمعات الدينية المحلية كما هي الدراسة الرائعة ل أ جولي حول الطريقة الشاذلية في بوكاري، فإننا سجلنا توترا دينيا la tension religieuses  بين مختلف الطبقات الاجتماعية، والجهات،  المنضوية تحت عباءة الإسلام.
ويخلص في نهاية البحث إلى” أنه ورغم كل شيء، فإن الإسلام حتى في  صيغته المبسطة، لم يفلح في السيادة على وعي كل أولئك البربر الذين يدعون أنفسهم مسلمين، فهؤلاء الجبليون البدائيون المرتبطون بأرضهم وآلهتهم المحليين أكثر من العقائد الإسلامية، يقبلون بسهولة بأن يدعوا مسلمين، لأنه ورغم حملهم للقب، فهم لا يتبعون الشعائر الأساسية للإسلام، بل ويرفضون الأحكام القرآنية للقانون المدني، حتى يحافظوا على عرفهم? المسمى “قانون” في القْبايل?، بمعنى عادات أسلافهم”.ص 123.
وقد اعتمد بل على عدد من المصادر، من بينها: ادموند دوتي السحر والدين، ويعتبر هذا الكتاب بمثابة خلفية حرفية لمقال بل الذي بين أيدينا. يقول مثلا عندما ندرس دين البربر من خلال بعض المناهج الإثنوغرافية الحديثة نعتبر دوتي الرائد بهذا الخصوص ونتبع خطواته. ص 112، وإيميل لاووست، ورونيه باسيه، وابن خلدون. كما أن ألمح في عدة مناسبات إلى الأدوات المنهجية التي استعملها مثل الملاحظة العفوية أو الرواية الشخصية.
ويشير بل أيضا إلى أن لجنة الدراسات البربرية بالرباط في العدد الأول من مجلتها “المحفوظات البربرية” 1915 نشرت “استمارة المجتمع البربري” المقترحة لمن شاء القيام بدراسات عن الأهالي. والعنوان العاشر من هذه الاستمارة مخصص للدين.
عيد الأضحى في بلاد البربر
La fête des Sacrifices en Berbérie

نشر ت هذه الدراسة ضمن كتاب” خمسينية كلية الآداب الجزائرية ﴿1881-1931﴾”       Cinquantenaire de la faculté des lettres d’alger، وهذا الكتاب عبارة عن مقالات لأساتذة الجامعة، وهي 22 مساهمة، ويقع الكتاب في 562 ص.ونشر بدعم من “الجمعية التاريخية الجزائرية” Société historique algérienne، وهو مصنف ضمن الكتب النادرة في مؤسسة الملم عبد العزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، تحت رقم  00 . 04 . 2 / 374،  وضمنه مساهمة بل التي تقع في 38 ص، من الصفحة 87 إلى 125 – في الجزائر سنة 1932. وهي باللغة الفرنسية، ولا أعلم أي ترجمة لها إلى اللغة العربية.
يقدم تعريفا عيد الأضحى، وكذا أصوله التي تعود إلى إبراهيم، ثم يحصر بحثه في دراسة عيد الأضحى كما يقدمه علماء المدرسة المالكية- التي يتبناها أغلب الأهالي في بلاد البربر- من جهة ثم الطريقة التي يسلكها الناس في هذه البلاد من الاستعمالات المحلية- غالبا قديمة جدا- التقليدية والأساسية التي أضيفت وشكلت الطقوس الشعبية للعرب والبربر.
ينقسم عيد الأضحى، حسب بل، إلى مستويين: صلاة العيد وذبح الأضحية، وهذان الواجبان أمر تقليدي سني، ليس قرآنيا- أي مارسهما الرسول حينما كان في المدينة، بعد ذلك يشرح بتفصيل صلاة العيد ووقتها، ومكانها، وطريقتها وظروفها، وممارسوها الرجال خاصة…الخ. ثم ينتقل إلى ذبح الأضحية ويذكر وجوبها وضرورة شرائها، ووقت ذبحها، وعند المالكية أفضل وقت هو صباح العيد بعد الصلاة، وطريقة ذبحها- مثلا وضعها على الجهة اليسرى وتوجيه رأسها إلى القبلة، والذي سيذبح ينبغي أن يسمي الله، ويكبر ثلاث مرات، وأن يدعو الله ليتقبل منه، ويقدم الاختيارا القانونية في الذبح أن يكزن كبشا أو جملا أو بقرة…الخ ولا تكون الأضحية لا مريضة ولا فيها أية عاهة …الخ ولا بد بعد الذبح أن يوزع بعض لحمها على المحتاجين…الخ
كما يشير إلى أن عيد الأضحى له خصيصة أنه عيد أسري وليس فرديا – كما هو الحج مثلا- وهو جماعي أيضا. أسريا، لأن مسؤول الأسرة هو الذي يشتري الأضحية، ويذبحها باسمه. وجماعيا لأن الإمام أو السلطان يقوم به ، الذي هو ممثل الجماعة الدينية- يفعل كما يفعل المسلمين جميعا…
وحينما ينتقل إلى استعمالات هذا العيد في بلاد البربر يشير أنهم يسمونه تافسكا ويذكر التسميات المختلفة لأمازيغ الأطلس الكبير المغربي وبربر نتيفا بالأطلس المغربي أيضا، وتافسكا تامكرانت عند بربر ورغلة، وهناك أمازيغ حافظوا على الاسم العربي العيد، وعند منطقة بني سنوس نواحي تلمسان يسموه “أمكران”، وفي زيان الأطلس المتوسط يسمى “أكسوات” الذي يعني الكبير.- ويحيل بل على لاووست في أنه أرجع كلمة تافسكا غلى الكلمة اليونانية  pâques الذي يعني أضحية العيد. ويصف حال العيد عندهم حيث يلبسون ملابس نظيفة، ويتبادلون الزيارات والمسامحات. ويشير أيضا إلى ممارسات السحرية الدينية مثل وضع الحناء على الأيدي والأرجل عند النساء والأطفال- ويشير بل أن الحناء توضع في أي لحظة إحساس بالخطر للفرد والأسرة، أو الجماعة، وفي جميع فترات مرور الفرد ا, الجماعة من حالة إلى أخرى- وكذلك حال الذبيحة بعد الذبح حيث تترك حتى تموت ببطء، ودائما يعقد مقارنات بين المدينة- حيث يشير أنه حضر مرتين إلى طقي الذبيحة- والبادية .
ويشير أيضا إلى دو الدم في طقس الأضحية حيث تولي المعتقدات الشعبية لدى البربر أهمية لاستعمالاته. ويحيل على أن فرايزر يرى أنه في الديانات البدائية الدم أساس حيوي لتمثيل الروح- . ويعطي أمثلة لاستعمالاته مثلا في منطقة الرحامنة بالمغرب، يُخلط دم الضحية بالحرمل و الشعير والفحم charbon ليستعمل للتكهن بموت قادم للرجل المضحي أو أحد أقربائه، أو أن الحصاد والماشية سيكونان جيدان أم لا. ويحيل في هذه المعلومة على كتاب مراكش لإدموند دوتي.
كما يوضع الملح في الدم الأضحية من أجل إبعاد الجن كما في الرحامنة، ويعطي أمثلة من الرحامنة وفكيك-اعتمادا على كتتاب دوتي ملاحظات حول فكيك- وبني سنوس، وبني هديل.
ويذكر أيضا يوم بداية الأكل، ومذلك عادة الاحتفاظ ببعض  قطع اللحم لأكلها في عاشوراء…
ويشير أيضا إلى بعض المظاهر السحرية الدينية التي ليس لها أي أصل في التشريع الديني كما يقول بل، وهي : طعام القرية،  المهرجانات، وطقوس النار والماء، الألعاب الطقوسية، المعارك الطقوسية. وأيضا يشير في النهاية إلى الحج الجماعي نحو أكبر ولي في البلاد من قبل المجموعات الأتباع، وأعضاء الطرق الدينية، وهذا ملاحظ في المدن بكثرة، وجد نادر في القرى.
وكل هذه القضايا تناولها في النقاط التالية:
مقدمة
الطقس القانوني
صلاة العيد
ذبح الأضحية
الطقس الشعبي في بلاد البربر والاستعمالات المحلية
الخاتمة
واعتمد في هذا النص على كتب متنوعة منها: دراسات الدارجة البربرية في نتيفة، الألعاب النارية عند البربر الأطلس وأنتي أطلس، كلمات وأشياء بربرية لإيميل لاووست. ومجلة تاريخ الأديان، ونصوص عربية لتاكرونا لويليام مارساي، الغصن الذهبي لفرايزر. وكتب مراكش، وفكيك، والسحر والدين لإدموند دوتي. وكتاب حول الحج ل gaudefroy-demombynes, وأيضا كتب إسلامية مثل رسالة القيرواني،  ومختصر الخليل، وصحيح البخاري.
بني سنوس ومساجدهم: دراسة تاريخية أركيولوجية
Beni Snous et leurs Mosquées : Etude historique et archologique
هذه الدراسة منشورة في الأصل في المجلة الأركيولوجية سنة 1920، لكن هو بين أيدينا كتاب مطبوع في مطبعة الوطنية بباريس، وبدون تاريخ، وموجودة نسخة منه في مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، وهو باسم ألفرد بل الموصوف في غلاف الكتاب بعضو غير مقيم للجنة الأعمال التاريخية والعلمية، وألفه حينما كان مقيما في تلمسان.  وهو باللغة الفرنسية، ولا تتوفر أي ترجمة لهذا النص في حدود علمي.
وجاء هذا الكتاب من خلال فرصة تكليف بل في مصلحة المآثر التاريخية من أجل تصنيف المآثر الأساسية،  فقام بالإشارة إلى  قيمتها وخصائصها المميزة. وأسفر ذلك البحث الصغير حول أهم المساجد في البادية البربرية وجبالها العجيبة وأتباعها عن هذه الدراسة. ويهدف بل من خلال وضع هذه الدراسة إلى معرفة الهندسة المعمارية والفن الإسلامي من خلال مساجد بني سنوس التي تعود إلى العهد المرابطي، ويتحدث عن قصة نشأتها وشكلها وديكورها ومواد بنائها، وتناسقها ومآذنها…الخ. يقول بل:” أنه في جبال البربر، التي أُسلمت منذ قرون، هناك مساجد قديمة من الجيد الاهتمام بها، لما تمثله من فن إسلامي لشمال إفريقيا.
وتناول هذا الموضوع في النقاط الآتية:
مقدمة
تاريخ البلاد والسكان
دين ومعابد بني سنوس
صيانة مباني الشعائر وأداء أجور العاملين
دراسة المساجد الأساسية
أ‌- قرية ومسجد تافسرا
ب‌- قرية ومسجد التليتة
ج- قرية ومسجد الخميمة
د- قرية ومسجد بني عاشر
الخاتمة
يعتمد بل في متن هذه الدراسة على الزيارة الميدانية إلى مساجد بني سنوس،        ويستعمل الكاتب الرسوم والخرائط والتصاميم، ويشير إلى أن  إ . ديستن  خصص للهجات وحضارة بني سنوس دراسات هامة، ويبدو أنه اعتمد أيضا الرواية الشفوية من خلال إيراده لقصص حول تأسيس المساجد.
خلاصات وملاحظات

عرضنا أعلاه خمس دراسات علمية ألفها ألفرد بل على مدار 21 سنة، بدءا من 1917، تاريخ أول دراستين في مجلة تاريخ الأديان، وإنتهاءا بالكتاب-الموسوعة الدين الإسلامي في بلاد البربر، الذي يعتبر جوهرة العِقد في كل ما ألف، وللأسف لم يمهله العمر ليكمل جزأيه الآخرين.  وطبعا هناك دراسات أخرى أشرنا إليها، ولكن لم نشتغل عليها إما لعدم ارتباطها بالمغرب أو لعجزنا عن الوصول إليها.
أهم ملاحظة حول كل هذه الأعمال اهتمامها بالمجال البربري، وخصوصا بجانب المعتقدات والطقوس السائدة في هذه البلاد. وهو اهتمام يبدو واضحا حينما نقرأ  تنويهه بعمل لجنة الدراسات البربرية بالرباط في العدد الأول من مجلتها التي صاغت استمارة علمية، لدراسة العالم البربري#. وهي اللجنة التي حدد أهدافها، المقيم العام الفرنسي بالمغرب آنذاك، الجنرال ليوطي، كالتالي:” من أجل تركيز الأعمال المنجزة في مختلف القبائل حول سكان البربر في المغرب، ومن أجل استخراج نتائج عملية متعلقة بتنظيم وإدارة تلك القبائل، أسسنا لجنة الدراسات البربرية بالرباط”#.  وأكدت الاستمارة في المحور العاشر على مايلي:
الطُلبة- المدارس القرآنية: ماهي أهمية التعليم القرآني في القبائل؟ أصول والتأثير الشخصي للطُلبة.
الشرفاء- الأضرحة: أصول وتأثير هذه الشخصيات، والمنافسات بينهم.
الطرُق-الزوايا: ماهو تنظيم الزوايا؟ هل هي مستقلة أم تابعة لزاوية أمّ؟ وأين توجد هذه الزاوية الأم؟ والزْيارات، وأهميتها، وتأثيرها على الزاوية.
الدور التحكيمي للشخصيات الدينية: متى يطلبون التدخل في النزاعات؟ دورهم في التهدئة، والضمانة.
الممارسات الدينية-المساجد: هل السكان متعرضون  للأسلمة ظاهريا فقط؟
تأثير الإسلام.#
ولذلك كانت دراسات بل تخدم هذه التوجهات البحثية، خاصة أنه  سبق أن انخرط في عمل من نفس النوع في الجزائر#. و واضح تماما أنه في دراساته عالج كل تلك القضايا المطلوبة في الاستمارة بشكل أو بآخر.
على الصعيد النظري، كان بل منخرطا في الفرضية التي سادت الربع الأول من القرن العشرين حول دين البربر، بكونه بقايا وثنية؛ هذا الأمر سيسعى بل إلى إثباته تاريخيا من حيث دراساته لتاريخ “غزو” الإسلام للبربر، وهو ما تمثل في كتابه “الدين الإسلامي في بلاد البربر”. وأنثروبولوجيا، عبر دراسته لعدة معتقدات وطقوس، مثل “لمحة حول الإسلام في بلاد البربر”,” عيد التضحية في بلاد البربر”، ودائما يحاول ربطها بأصولها الماقبل إسلامية. وأطلق  بل على هذه العملية حركة الأسلمة، إن انتماء بل لمدرسة الجزائر بقيادة رونيه باسيه، وإدموند دوتي، وإيميل لاووست، جعله لا يبتعد كثيرا عن فلكهم النظري المكرر.  ولم يغب أحد من هؤلاء الاسماء عن مقالة من مقالاته.
على صعيد المنهج، كان بل مؤرخا بنفَس أنثروبولوجي بارز. ذلك أن كل الدراسات التي عرضنا لها، اعتمدت الوثائق العلمية المتوفرة، إضافة إلى الملاحظة العفوية التي دعا في مرات عديدة إلى ضرورة تطويرها لما لها من مردودية علمية على الأبحاث التي يباشرها، والمثال الأبرز للعناصر المنهجية دراسة عن” تاريخ ولي مغربي يعيش حاليا في مكناس” التي اختار فيها منهج ” الملاحظة بالمشاركة” بتعبيرنا العلمي الذي نطلقه اليوم على ذلك العمل الذي يقوم صاحبه بالاندماج في الجماعة المدروسة، وتكيفه شبه الكلي مع حياتهم الاجتماعية#. لقد قام بالملاحظة، والمقابلة المباشرة. وهو ما أسفر على تناول  جديد لم يسبق إليه. ويمكن أن نشير أيضا إلى أن المنهج المقارن كان حاضرا بشكل ضمني في كل أعمال بل، حيث قام في عدة محطات بمقارنات علمية بين الدين الإسلامي في كل من مدينة تلمسان الجزائرية، ومكناس المغربية على سبيل المثال.
ومن حيث جهة النشر، فقد انخرط بل مبكرا في السياق العلمي لعصره، حيث شارك في عدة ندوات، خاصة مؤتمرات الاستشراق.  وساهم في مجلات، وأبرزها كانت مع مجلة تاريخ الأديان الشهيرة حينئذ. وفي الأخير سيتوج كل جهده العلمي في إصدار موسوعة الدين الإسلامي في بلاد البربر التي لم يصدر منها إلا الجزء الأول.

Exit mobile version